اتخذت مصر العديد من السياسات والإجراءات لمواجهة تحدي التغيرات المناخية، والتكيف مع تداعياتها، وذلك انطلاقًا من كونها تهديدات تنموية واقتصادية أكثر منها مجرد تهديدات بيئية. ونتناول فيما يلي أبرز تلك الإجراءات.
1- على المستوى المؤسسي: تم إنشاء “المجلس الوطني للتغيرات المناخية”، بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1912 لسنة 2015، كجهة وطنية رئيسية معنية بقضية التغيرات المناخية، وتعمل على رسم وصياغة وتحديث الاستراتيجيات والسياسات والخطط العامة للدولة فيما يخص التكيف مع هذه التغيرات، وذلك فى ضوء الاتفاقيات الدولية، والمصالح الوطنية. ومؤخرًا تم إعادة هيكلة المجلس ليصبح تحت رئاسة رئيس مجلس الوزراء مباشرة. هذا، فضلاً عن إعادة هيكلة الهيكل التنظيمي لوزارة البيئة، وإنشاء قسم جديد للبحث والتطوير في مجال البيئة والتغيرات المناخية.
2- على مستوى السياسات: جاءت “الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية 2050″، كواحدة من أهم قرارات المجلس الوطني للتغيرات المناخية، لرفع مستوى التنسيق بين كافة الوزارات والجهات المعنية في الدولة بشأن مجابهة مخاطر وتهديدات التغيرات المناخية، من خلال رسم خارطة طريق لأكثر السياسات والبرامج كفاءة وفاعلية في التكيف مع تداعيات تلك التهديدات، بما يضمن تحقيق تنمية اقتصادية مُستدامة.
وتتضمن أهداف الاستراتيجية ما يلي:
أ- تعزيز حوكمة وإدارة العمل في مجال التغيرات المناخية.
ب- زيادة المرونة والقدرة على التكيف مع التغيرات المناخية.
ج- تحسين البنية التحتية لدعم الأنشطة المناخية.
د- تعزيز البحث العلمي ونقل التكنولوجيا وإدارة المعرفة بما يرفع الوعي بضرورة التصدي لمخاطر التغيرات المناخية.
هـ- تعزيز شراكة القطاع الخاص في تمويل الأنشطة الخضراء والصديقة للبيئة.
3- التعاون مع مؤسسات التمويل الدولية: يُعتبر البنك الدولي على رأس قائمة مؤسسات التمويل الدولية التي تتعاون معها مصر في مجال مواجهة التغيرات المناخية. فقد بحث مسئولون بوزارتي التعاون الدولي والبيئة مع مُمثلين عن البنك الدولي، في 22 سبتمبر 2021، سبل وآليات التعاون لتطوير سياسات مكافحة أزمة تغير المناخ، بهدف توفير الدعم المالي اللازم لمشروعات التنمية المستدامة، التي تمارس دورًا هامًا في مواجهة التهديدات المناخية التي تتعرض لها مصر، لاسيما أن وزارة التعاون الدولي تطرح مشروعات تقدر قيمتها بحوالي 365 مليون دولار في إطار تحقيق الهدف الـ13 من أهداف التنمية المستدامة، والمعني بمسألة التغير المناخي في مصر. وتسعى مصر للاستفادة من خبرات البنك الدولي والدراسات الكمية التي يقوم بها بشأن المناخ وحسابات التكلفة التنموية والاقتصادية للتغيرات المناخية لتحديد ووضع السياسات الأكثر كفاءة وفاعلية في التكيف مع أزمة التغيرات المناخية خلال المرحلة القادمة.
4- تبني الاقتصاد الأخضر: وضع القطاع المصرفي المصري البعد البيئي ضمن شروط تمويل المشروعات الحديثة بحيث لا يتم تمويل أى مشروع من شأنه أن يزيد من حدة ومخاطر التغيرات المناخية، وذلك بهدف التوسع في المشروعات الصديقة للبيئة في إطار مساعي مصر لتصبح نموذجًا للتحول نحو الاقتصاد الأخضر، وترسيخ مفهوم “الشركات الخضراء”، والذي يشير إلى ضرورة التزام الشركات بالمعايير البيئية في كل ما تقوم به من ممارسات إنتاجية وتسويقية للسلع والخدمات، ووفق معايير معينة تضمن حماية الموارد البيئية، والحد من التلوث.
هذا، وقد طرحت الحكومة المصرية، في 30 سبتمبر 2020، أول سندات خضراء بقيمة 750 مليون دولار لتمويل المشروعات الصديقة للبيئة ومن بين أهم وأبرز تلك المشاريع التوسع في استخدام الطاقة الجديدة والمُتجددة، كالطاقة الشمسية، وطاقة الرياح والغاز الطبيعي، والمشروعات الأخرى المعنية بشئون النقل والمواصلات، بهدف تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والغازات الأخرى المُضرة بالغلاف الجوي والمُسببة للاحتباس الحراري، بهدف الحد من ارتفاع درجات الحرارة، وتلافي تداعياتها السلبية، على غرار توقيع وزارة البيئة والتنمية المحلية والنقل والصحة اتفاقًا مشتركًا عام 2020 لتنفيذ مشروع إدارة تلوث الهواء والحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وذلك بتمويل من البنك الدولي قيمته 200 مليون دولار.
5- التعاون والتنسيق الإقليمي والدولي: تحرص مصر دائمًا على تنمية وتعزيز الجهود الإقليمية والدولية المشتركة في مجالات البيئة والمناخ، وذلك ليس فقط من خلال المشاركة، بل أيضًا عبر رئاسة العديد من المؤتمرات والمفاوضات واللجان المعنية بقضايا البيئة والمناخ سواء داخل أفريقيا أو خارجها بالتنسيق مع الأمم المتحدة. فقد تقدمت مصر بطلب لاستضافة الدورة الـ27 من مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ (COP 27) في عام 2022 كممثلة لتحديات وجهود وأولويات القارة الأفريقية في مواجهة أزمة التغيرات المناخية.