من منطلق إيمان الدولة المصرية بإيجابية العلاقة بين مستويات المشاركة السياسية للمرأة وبين مستويات التنمية المستدامة 2030 المحددة ومحورية ملف تمكين المرأة نحو المناصب السياسية العليا كجزء أصيل ورئيس في عملية الإصلاح الاجتماعي والسياسي والثقافي والاقتصادي الشامل.
وذكرت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات، أن ذلك يأتى جليًا مع ترجمة هذا النهج إلى خطواتٍ ملموسة تمثلت في سن قوانين وتشريعات واستراتيجيات وبرامج تنفيذية تقوم بها جهات حكومية وغير حكومية؛ بهدف السعي الى خلق مساحة ومناخ ملائم لتضافر جهود جميع شرائح المجتمع للوصول الى الهدف المرجو وهو تمكين المرأة المصرية، والحفاظ على حقوقها، ووضعها في المكانة التي تليق بقيمتها وقدراتها وتضحياتها على مدار التاريخ.
وكانت البداية مع دستور 2014 الذي اشتملت مواده على ما يقرب من 21 مادة متعلقة بالمرأة –فعلى سبيل المثال- أكدت المادة (11) على أهمية قيام الدولة بتحقيق المساواة بين المرأة والرجل في كافة الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية وفقًا لأحكام الدستور.
هذا بجانب القوانين التي أسهمت في تفعيل عملية التمكين، لا سيما قانون تنظيم المشاركة السياسية، وقانون مجلس النواب، وقانون نظام التأمين الصحي للمرأة المعيلة، وقانون الغارمات، علاوة على قانون الميراث وهو الحق الذي عانت منه المرأة في الصعيد نتيجة العادات والتقاليد، ومشروع قانون زواج القاصرات، وتغليظ عقوبة ختان الإناث، وقانون سرية بيانات المجني عليهن في قضايا التحرش والاغتصاب، فضلًا عن التعديلات الدستورية لعام 2019 التي عززت من مشاركة المرأة في البرلمان عبر تخصيص كوتا تمثيلية تعادل ما لا يقل عن ربع إجمالي عدد المقاعد في البرلمان للمرأة.
ذلك بالإضافة إلى إعلان عام 2017 عامًا للمرأة المصرية؛ تقديرًا ومساندة لها واعتمد الرئيس إبان الاحتفال بيوم المرأة المصرية في مارس 2017 “الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة المصرية 2030″، التي جاءت منبثقة عن استراتيجية التنمية المستدامة رؤية مصر 2030، وتم إطلاقها في فبراير 2016، واتساقًا مع جهود القيادة المصرية لبناء مجتمع متكافئ الفرص، وضمانًا لتسريع خطى تمكين المرأة؛ إذ تشمل الاستراتيجية أربعة محاور تتمثل في: التمكين السياسي وتعزيز الأدوار القيادية للمرأة، والتمكين الاقتصادي، والتمكين الاجتماعي، وأخيرًا الحماية.
أولًا: التمكين السياسي للمرأة المصرية بين المشاركة والفعالية
لم تشهد الفترة التي سبقت عام 2014 إنصافًا حقيقيًا للمرأة المصرية على المستوى السياسي؛ حيث اقتصرت أدوراها في المناصب القيادية والسياسية والقضائية على أعداد محدودة للغاية، فقد كانت نسبة مشاركة المرأة مقابل الرجل في المناصب الإدارية العليا مستقرة منذ عام 2010 عند 0.12، أي أنه من بين 100 شخص يعمل في مناصب إدارية11 امرأة فقط.
واستنادًا إلى رؤية القيادة المصرية لأهمية دور المرأة سياسيًا، قامت الدولة بالعديد من الخطوات لترجمة هذه الرؤية حيث:
* زادت نسبة الوزيرات من 6% في عام 2015 إلى 20% في عام 2017 ثم إلى 25% في عام 2018 وحتى الآن، لتكون النسبة الأعلى على الاطلاق للمرأة.
* بلغت نسبة تولي المرأة في المناصب القيادية داخل الوزارات وفقًا لتقرير متابعة أنشطة الوزارات 2019-2020 الصادر عن المجلس القومي للمرأة حوالي 34.4% في وزارة التنمية المحلية، و33% في هيئة البترول والشركات القابضة، بينما تبلغ 12% في شركات القطاع العام.
وفي وزارة الكهرباء بلغت حوالي 43%، ونحو 40% في وزارة الصحة و43% في وزارة التعليم العالي والبحث العلمى، وزادت نسبة النساء اللاتي شغلن منصب نائب وزير من 17% في عام 2017 إلى 27% في عام 2018 وحتى عام 2020، بواقع 4 نائبات من أصل 14 نائبًا، وبلغ عدد معاونات الوزراء 41.4% في عام 2019.
**أصبحت أول سيدة تتولى منصب محافظ في عام 2015، ثم بعد ذلك في عام 2017 في البحيرة، ثم في عام 2018 في محافظة دمياط، فيما وصل عدد نائبات المحافظ 7 من واقع 23 في عام 2019، وبنسبة 31% في عام 2020.
* بلغت نسبة الدبلوماسيات وفقًا لإحصاء وزارة الخارجية لعام 2017 نحو 24% من اجمالي أعضاء السلك الدبلوماسي.
وبلغت نسبة السفيرات 13% ومن الفئة الممتازة نحو 14%. وقد مثلت النساء بنسبة 17.1% في المناصب القيادية بوزارة الخارجية. وتتولى الدبلوماسيات رئاسة 10.5% من إجمالي البعثات الدبلوماسية خارج البلاد.
* أما في البرلمان فقد بلغ عدد السيدات في مجلس الشيوخ لعام 2020، 38 سيدة بنسبة 12.5% من إجمالي أعضاء المجلس، فيما حصلت المرأة في انتخابات مجلس النواب عام 2020 على 162 مقعدًا بنسبة 27% من إجمالي عدد أعضاء المجلس، وهو أكبر عدد للسيدات في تاريخ البرلمان المصري. ويذكر أن برلمان 2016 قد شهد قفزة مُبشرة؛ إذ حصدت المرأة 78 مقعدًا بعد تعيين الرئيس “السيسي” 14 سيدة ضمن قائمة المعينين؛ لتحصل النساء بذلك على أعلى نسبة تمثيل لها في عام 2016 بواقع 14,59%.
ثانيًا: “التمكين الاقتصادى” خطوات جادة نحو توفير حياة كريمة للمرأة:
* زيادة نسب المشروعات الموجهة للمرأة من 9% في عام 2014 إلى حوالي 68.8% في عام 2018؛ حيث تعد زيادة أكبر من المستهدف في استراتيجية التمكين بنحو 19%.
* زيادة نسبة النساء اللاتي يمتلكن حسابًا في مؤسسة مالية من 6.5% من إجمالي النساء في الفئة العمرية 15 عامًا فأكثر في عام 2011 إلى نحو 27% في عام 2017. ويرجع ذلك إلى تبني الحكومة استراتيجية الشمول المالى.
* زيادة حجم تمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر الموجه للمرأة بنحو 162% بين عامي 2014 و2018؛ إذ زاد من 719 مليون عام 2014 إلى 1076 مليون عام 2016، ثم إلى 1884 مليون عام 2018.
* زادت نسبة الإقراض متناهي الصغر الموجه للمرأة من 45% في عام 2015 إلى 52.28% في عام 2017، ثم إلى 51% في عام 2018.
* زيادة نسبة المرأة في الوظائف الحكومية، فتشغل المرأة المصرية 45% من إجمالي الوظائف الحكومية (مقارنةً بالمتوسط العالمي 32%)، وتطورت نسبة مشاركة المرأة في مجالس الإدارة عمومًا من 9.7% عام 2017 لتصل إلى 10.2% عام 2018.
* بلغت نسبة تمثيل السيدات في مجالس إدارة البنوك 12% في عام 2019 مقارنة بـ 10% في 2018.
* حدث انخفاض في معدل البطالة بين النساء إلى 21,4% في عام 2018، وتوالى الانخفاض حيث بلغ في عام (2020/2021) 17.7 %.
* صدر قرار رئاسي في فبراير 2017 بإنشاء المجلس القومي للمدفوعات تحت رئاسة رئيس الجمهورية.
* كانت مصر الدولة الثانية على مستوى العالم التي تطلق جائزة ختم المساواة بين الجنسين للمؤسسات الخاصة والعامة للاعتراف بالأداء المتميز لتلك المنظمات وتحقيق نتائج ملموسة في المساواة بين الجنسين.
* تخصيص 113.000 مشروع تمويل صغير للنساء بقيمة 620 مليون جنيه، وصرف 320 مليون جنيه إلى 19000 مستفيدة من خلال خط ائتمان “مستورة”، بينما تم تخصيص 3000 من قروض مستورة للنساء ذوات الهمم.
ثالثًا: التمكين الاجتماعي وتعزيز حقوق المرأة المعيلة
أسهمت التحديات المستمرة التي تواجهها المرأة المصرية على الصعيد الاجتماعي في تبني القيادة المصرية سياسات واضحة واستراتيجية وطنية تعزز من مكانتها وتحميها، كنهج استباقي للمواجهة انعكس على أوضاع المرأة المصرية على النحو التالى:
* تدشين برنامج التحويلات النقدية المشروطة “تكافل وكرامة” ليصل إلى 563 قرية و345 مركزًا في 27 محافظة، مع نحو مليوني سيدة، من بينهن نحو 175 ألف سيدة من ذوات الاحتياجات الخاصة (80% من النساء هن المستفيدات من البرنامج)، ويغطى التأمين الاجتماعي 426.000 امرأة بمبلغ 146 مليون جنيه (حتى مارس 2020).
* استفادت ما يقرب من 89% سيدة من برامج الحماية الاجتماعية، علاوة على زيادة ميزانية التحويلات النقدية عبر برنامج تكافل وكرامة بمقدار 235%، بجانب تخصيص 250 مليون جنيه مصري لخدمات رعاية الطفل من الموازنة العامة للدولة.
* استفادت 38 مليون سيدة من دعم التموين والخبز والدقيق، و34 مليون سيدة من بطاقات الحصص الغذائية، و10 مليون سيدة من خدمات الرعاية الصحية المدعمة، و8 ملايين سيدة من خدمات الأسرة والصحة الإنجابية في عام 2018.
* تخصيص 50 دار استضافة للنساء المسنات، في حين أنه يوجد 80 دارًا للرجال والنساء معا، ليصل إجمالي العدد إلى 5500 امرأة مسنة مستفيدات من خدمات دور الاستضافة.
* إطلاق مبادرة الصحة الرئاسية 100 مليون صحة/ صحة المرأة المصرية لتوعية وفحص 4 مليون سيدة، وتستهدف المبادرة 28 مليون امرأة للكشف عن سرطان الثدي والأمراض غير المعدية. وقد استفادت تقريبًا 10 ملايين سيدة من خدمات الرعاية الصحية المدعمة، و8 ملايين سيدة من خدمات الأسرة والصحة الإنجابية في عام 2018.
رابعًا: محور الحماية.. قرارات عملية وحماية تشريعية
* تم اعتماد الاستراتيجية الوطنية لمكافح العنف ضد المرأة 2015 وبمشاركة 20 وزارة.
* تم اعتماد الاستراتيجية الوطنية لمكافحة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث (الختان) 2016.
* تم اعتماد الاستراتيجية الوطنية للصحة الإنجابية 2015.
* تم إطلاق أول دراسة عن التكلفة الاقتصادية للعنف القائم على النوع الاجتماعي في مصر لدعم عملية صنع السياسات المستمدة من الأدلة 2015.
* عملت الدولة المصرية على التصدي للتداعيات السلبية لجائحة كوفيد\ على مختلف الفئات، لا سيما المرأة عبر عدد من الإجراءات والقرارات الوقائية التي تخص المرأة، ومنها: إصدار رئيس مجلس الوزراء قرارًا رقم 719 لسنة 2020، يتضمن تخفيض عدد العاملين والعاملات في المصالح الحكومية كإجراء احترازي، ومنح الموظفة الحامل أو التي ترعى طفلًا أو أكثر يقل عمره عن اثنتي عشرة سنة ميلادية إجازة استثنائية طوال مدة سريان هذا القرار في 16 مارس 2020.