طفرة كبيرة أحدثها الذكاء الاصطناعي في قطاعات مختلفة، ويأتي قطاع الصناعات الغذائية في مقدمة المجالات التي سعيت بقوة للاستعانة بالذكاء الاصطناعي، وذلك من أجل التعرف علي أذواق المستهلكين في المستقبل واي الطعام يفضلون، ففي وقت سابق من العام 2019 وقبل ازمة وباء كورونا، فاجأت شركة “آي بي ام” التكنولوجية بدخولها قطاع إنتاج الطعام معلنة شراكة مع صانع التوابل “ماكورميك” “للغوص في مجال المذاقات بطريقة أسرع وأكثر فعالية باستخدام الذكاء الاصطناعي لتعلم توقع خلطات جديدة على مستوى المذاقات” من خلال البيانات المجمعة من ملايين المصادر.
وبحسب تقرير من موقع “مونت كارلو الدولي”، تسلط هذه الشراكة الضوء على كيفية استخدام التكنولوجيا في الصناعات الغذائية للمساعدة في تطوير منتجات جديدة والاستجابة لأذواق المستهلكين وتوفير تغذية ومذاقات محسنة.
ويقول برنار لاووس أحد مؤسسي شركة “فودبيرينغ” الناشئة مع مكاتب في بلجيكا ونيويورك، “تعتمد شركات الإنتاج الغذائي أكثر فأكثر التكنولوجيا الرقمية وتراهن على البيانات”. وتضع هذه الشركة “خرائط” رقمية للأغذية وبرامج معلوماتية توصي بخلطات أغذية ومشروبات.
ويوضح لاووس أن شركته “لديها أوسع قاعدة مذاقات في العالم” تسمح بوضع توقعات غذائية أفضل بالاستناد إلى أذواق الناس وتحليل البيانات.
ويؤكد “بدلا من اللجوء إلى لجنة خبراء أو لجنة مستهلكين نضع برامج حسابية يمكنها أن تترجم رأي المستهلكين بهذا المنتج أو ذاك”.
رقمنة المذاقات
تستخدم شركة “أناليتيكال فليفور سيستيمز” ومقرها في نيويورك الذكاء الاصطناعي لوضع نموذج (غاستروغراف) عن الطعم والرائحة والملمس لتوقع أذواق المستهلك على صعيد المنتجات الغذائية والمشروبات.
وتهدف هذه المنصة إلى مساعدة شركات على “صنع منتجات لمستهلكيها أفضل وهدافة وصحية أكثر” على ما يؤكد مؤسسها جايسن كوهين.
ولا يعرف حجم الأموال المستثمرة في مجال الذكاء الاصطناعي في القطاع الغذائي إلا أن الاستثمار في التكنولوجيا في هذا القطاع وصل إلى 16,9 مليار دولار العام 2018 على ما تظهر بيانات لمنصة الاستثمار “اغتيك فاندر”.
وتقول بريتا روزنهايم وهي محللة تكنولوجيا في مجال الغذاء والمستثمرة في شركة “اناليتيكال فليفور سيستيمز” إن التكنولوجيا قد تساعد على “رقمنة البيانات الحالية” المتوافرة عبر لجان المذاقات البشرية وتسريع عملية تطوير منتجات غذائية جديدة.
وتوضح روزنهايم “عملية تطوير منتجات غذائية طويلة عادة وثمة نواقص كثيرة على صعيد طريقة تفاعل السوق لذا فإن هذه التكنولوجيا قد تساعد”.
وتوفر “فودبيرينغ” خريطة “ذكاء المذاقات” التي تستند على التحليل الجزئي وتتضمن وصفا للمذاقات.
ويقول لاووس إن من بين التوصيات المقترحة الجمع بين المحار والكيوي الذي بات طبقا مرجعيا خاصا في أحد المطاعم البلجيكية المعروفة.
ويوضح أن “فودبيرينغ” “تجري مسحا لكل عمليات الجمع المحتمل إلا أن الطعام يبقى مسألة ثقافية وشخصية. لذا نعتمد أيضا على تصرف المستهلك لزيادة صوابية اقتراحات الجمع بين مواد غذائية عندما نعمل مع شركات إنتاج السلع الغذائية”.
وبيّن باحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (ام آي تي) كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون مفيدا في تحديد ظروف النمو المثالية من أجل إنبات حبق بطعم قوي جدا ويأملون في تطبيق ذلك على منتجات أخرى.
ويقول جون دي لا بارا المسؤول عن مبادرة “أوبن اغريكالتشر إنيشياتيف” في جامعة “ام آي تي”، “الذكاء الاصطناعي يعطينا القدرة على استخدام مجموعات واسعة من البيانات المتعلقة بالزراعة لتحسين محاصيلنا أسرع من أي وقت مضى”.
وتحسين جمع البيانات والمعايير أمر أساسي لإحداث هذه الابتكارات على صعيد الأغذية على ما يؤكد ماثيو لانغ الأستاذ المحاضر في جامعة كاليفورنيا في ديفيس والمسؤول عن مركز “آي سي 3 فودز” حول أبحاث الغذاء. ويوضح “أرى الكثير من الناس يطبقون برامج معلوماتية حول المذاقات والتغذية في تطوير الوصفات”.
ويضيف أن ذلك قد يستخدم أكثر فأكثر مع تحسين في المعايير وفي تشارك البيانات من أجل وضع مسح بالمذاقات والروائح مع فتح مجالات جديدة أمام “إضفاء طابع “شخصي” على الطعام والوصفات مع طعم وتغذية أفضل واستدامة.
لكن دي لا بارا يقول إن مفهوم الذكاء الاصطناعي لجعل الطعام “مفصلا حسب الحاجة الشخصية” لن يرى النور سريعا.
ويضيف “يحتاج الأمر إلى عدد كبير من البيانات الشخصية لكن ذلك قد يواجه تعقيدات بسبب مسائل الخصوصية والأمن. من المرجح أن يستخدم الذكاء الاصطناعي في المستقبل المنظور لتوقع ميول واسعة على صعيد المستهلكين وأذواقهم”.