كيف سيكون شكل العالم بعد انتهاء وباء كورونا؟ وهل نعتبر تصريحات “بيل غيتس” حول نهاية العالم بسبب التغيرات المناخية حقيقة أم مجرد تهويل؟ وماذا لو وقعت حرب نووية بين الصين والهند في ظل توترات بين البلدين علي خلفية نزاع حدودي قديم وبالتحديد في ولاية سيكيم شمالي الهند؟ تساؤلات كثيرة دفعت بدولة الامارات في وقت سابق من العام الماضي الي عقد الدورة الاستثنائية لمجالس المستقبل العالمية، والتي تهدف إلى قراءة الواقع الحالي وتوفير الحلول التي من شأنها دعم الجهود العالمية في مواجهة التحديات التي فرضتها جائحة فيروس كورونا المستجد، وما نتج عنها من متغيرات أضرت بالنظم الاجتماعية والاقتصادية في العالم أجمع وتنظم دولة الامارات تلك الدورة بالشراكة مع المنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس) بمشاركة 40 مجلساً من مجالس المستقبل، والتي تضم أكثر 1000 خبير ومتخصص في 31 قطاعاً من أكثر من 80 دولة للإسهام في تطوير جهد عالمي مشترك للتغلب على تحديات هذه الفترة الحرجة.
نرصد في السطور التالية، سيناريوهات ما بعد أزمة كورونا وكيف يكون شكل العالم، في ظل تصريحات أطلقها نواب مصريين ومنهم النائب إيهاب زكريا، عضو مجلس الشيوخ، والذي ذكر في تصريحات صحفية سابقة ثلاث نقاط تحدد شكل العالم بعد كورونا، أولها تذبذب قيمة الدولار وانهيار عملات الاقتصاديات الناشئة كالليرة التركية واللبنانية، ثم اختلاف توازنات القوى الدولية وتنامي دور الصين اقتصاديًا مع تراجع الاقتصاد الأمريكي والأوروبي بدءًا من طريق الحرير إلى اختلاف السياسات الاقتصادية والسياسية مستقبلًا نحو قضايا البيئة ومسئولية المجتمع الدولي نحو المجتمعات الأشد فقرًا.
التغيرات المناخية
كانت البداية من تصريحات رجل الاعمال وصاحب شركة مايكروسوفت والذي أكد ان تحديات ما بعد كورونا تتلخص في التغيرات المناخية والحرب البيولوجية، مؤكدًا علي ضرورة توفير الحياة المناخي بحلول 2050.
لنبدأ من التغيرات المناخية، وفقًا لخبراء سبق وأن تحدثوا في هذا الملف داخل مصر فأن تلك التغيرات المناخية بمثابة التحدي الأكبر الذي يواجه المنطقة العربية بسبب شُح الموارد المائية المتجددة في ظل الزيادة المستمرة لعدد السكان وضرورة الوفاء بمتطلبات التنمية في القطاعات المختلفة وتوفير الأمن الغذائي، وذلك وفقًا لتصريحات قال الدكتور محمد داوود، أستاذ الموارد المائية بهيئة البيئة بأبوظبي، مشيرًا إلى أنه في الآونة الأخيرة أثبت الدراسات العلمية الترابط الكبير بين المياه والغذاء والطاقة وأهميته استدامة هذه الموارد للأجيال القادمة، وكذلك أهميته في مواجهة التغيرات المناخية .
وأكد «داوود»، أن المنطقة العربية تعاني من ندرة الموارد المائية المتجددة وتلوثها، وتشير الدراسات العالمية إلى أن موارد المياه الجوفية أيضا تنضب بوتيرة سريعة في المنطقة العربية، وإذا استمرت الأمور على حالها في استغلال هذه الموارد الشحيحة والضغط على الموارد المحدودة فمن المتوقع أن تنضب خلال ما يقرب من 30 عاماً، وسيكون لذلك تأثير كبير على التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي تعتمد على هذه الموارد المائية، حيث سينخفض الإنتاج الزراعي في بعض البلدان بنسبة قد تصل إلى 60% ويؤدي ذلك إلى وجود البطالة في القوى العاملة الزراعية التي قد تصل إلى 30% من إجمالي القوى العاملة في بعض البلدان الزراعية في المنطقة.
فيما أوضح الدكتور محمد فتحى أستاذ المناخ بالمركز القومى للبحوث، أن أسباب التغير المناخى يرجع إلى زيادة معدلات النشاط البشري الصناعي الذي أدى إلى زيادة تركيز غازات معينة في الغلاف الجوي، وحدوث ما يسمى بـ«الاحتباس الحراري» وتتأثر به الدول المتقدمة والنامية، إلا أن النامية هي الأكثر تأُثرا لضعف البنية التحتية مثل مصر، فالدول الأوروبية مثلًا تتعرض أحيانًا لتغيرات مناخية حادة، لكن عندهم بنية تحتية لمواجهة التغيرات المناخية فتجنُّبهم حدوث خسائر كبيرة .
ومن ناحية القطاع الزراعي أشار «فتحي» إلى أن المناخ هو العامل الأكبر في التأثير على القطاع الزراعي مما له أثر على النبات والتربة، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد إنما هناك مشكلة أخرى ناتجة عن التغيرات المناخية، وهي جودة المنتج، فمن الممكن أن يحدث عدم انخفاض في الإنتاجية، لكن تحدث مشكلة في المنتج ذاته، بحيث يكون أقل جودة، ولا يتحمل التخزين أو التداول، أو يصاب بضعف في التلوين أو النضج، وأحيانًا تحدث زيادة في التحديات التي تواجه المحاصيل، مثل زيادة انتشار الآفات والأمراض أو ظهور آفات جديدة.
وبشأن تأثير التغير المناخي على القطاع البيئي، توقع محمود القيسوني الخبير البيئي ازدياد ابيضاض الشعب المرجانية إلى 80% بحلول 2060 وجفاف شجيرات المانجروف التي تنتشر أمام سواحل البحر الأحمر في ظاهرة طبيعية نادرة، وارتفاع منسوب سطح البحر سوف يؤدي إلى غرق الأراضي الرطبة بالمحميات الطبيعية الواقعة في السواحل الشمالية لمصر والتي تعتبر ملاذا للطيور المهاجرة خلال رحلتها الشاقة من الشمال إلى الجنوب، مما سيؤدي إلى انخفاض في أعداد الطيور.
وتحدث «القيسوني» عن حدوث ظواهر مناخية شاذة بسبب التغير المناخي تضرب مصر منها السيول الصحراوية الجارفه والتي دمرت قرى بأكملها ومنها تساقط البرد ليدمر المحاصيل الزراعية في قطاعات كامله ثم ظاهره الصيف الكاذب، والذي تسبب في الارتباك الكامل لمواسم المحاصيل الزراعية، وأخيراً الأمطار الغزيرة وتوابعها على مجتمع بنيتة الأساسية غير مجهزة بالمرة لمواجهة هذا المناخ.
وأشاد «القيسوني» بخطوات القطاع الخاص للسياحة والجمعيات الأهلية وجمعيات الغوص، أمام سواحل البحر الأحمر والمتوسط حيث تم زراعه أكثر من ألف وخمسمائة شمندوره لحماية الشعاب المرجانية وتكوين شبكة مراقبة بيئية نشطة تمكنت من وقف مخالفات جسيمة في حق البيئة الساحلية والبحرية والصحراوية .
الحرب النووية
إذا نشبت حرب بين الهند والصين فإنها من المرجح أن تتطور لتصبح نووية، وحتما سيمتد أثرها ويتجاوز الصين والهند، بحسب ما نشره موقع مجلة “National Interest” الأميركية.
إن نشوب حرب افتراضية بين الهند والصين ربما ستكون واحدة من أكبر الصراعات وأكثرها تدميراً في آسيا والعالم. ومن شأن الحرب بين هاتين القوتين أن تهز منطقة المحيط الهادئ الهندية، وتتسبب في سقوط أعداد هائلة من الضحايا من كلا الجانبين، وتؤثر بشكل كبير على الاقتصاد العالمي. ولكن ربما تلعب الجغرافيا والديموغرافيا دورًا فريدًا، مما يحد من نطاق الحرب، وفي النهاية شروط النصر.
ويعود تفاصيل الصراع، الي العام 1914 حيث تشترك حدود الهند والصين في موقعين، هما شمال الهند -غرب الصين وشرق الهند-جنوب الصين، وتوجد نزاعات إقليمية في هاتين النقطتين، وسبق أن قامت الصين بشن هجوم على كل من الجبهتين في أكتوبر 1962، واندلعت حرب لمدة شهر واحد أدت إلى بعض المكاسب البسيطة على الأرض لصالح الصين، فيما تمتلك الصين 200 رأس نووي والهند حوالي 160 رأس نووي، فيما رجح خبراء ان دمار العالم والقضاء علي وجود البشرية يحتاج فقط 30 رأس نووي.
وعلي هامش الصراع الصيني الهندي، لا يمكن أغفال الحرب المتوقعة بين روسيا والولايات المتحدة الامريكية، حيث طور الباحثون محاكاة مرعبة توضح كيف ستندلع حرب نووية مخيفة بين الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي وروسيا.
يتوقع نموذج المحاكاة – استنادًا إلى بيانات واقعية عن مراكز القوة النووية وأهدافها – بأن 34.1 مليون شخص سيموتون في غضون ساعات.
كما سيؤدي النزاع المدمر إلى إصابة 55.9 مليون شخص آخرين، علماً بأن هذه الأرقام لا تشمل الوفيات الناجمة عن الآثار النووية وغيرها من الآثار بعيدة المدى، بحسب موقع “الديلي ميل.”
الاقتصاد المصري
استعرض المركز الإعلامي لمجلس الوزراء المصري، تقريراً تضمن إنفو جرافات تسلط الضوء على وجود الجنيه المصري ضمن أفضل عملات العالم من حيث الأداء أمام الدولار في 4 سنوات، وذلك بعد تحرير سعر الصرف وبالرغم من أزمة كورونا، حيث واصل الجنيه المصري ارتفاعه الذي شهده منذ بداية2021 ليسجل خلال تعاملات الأسبوع الجاري أعلى مستوى منذ بداية جائحة كورونا.
ومن ناحيته، قال أبوبكر الديب، الخبير الاقتصادي إن هناك 4 عوامل ساهمت في جعل الجنيه المصري يحتل هذه المكانة البارزة دوليا منها استعداد مصر المبكر لجائحة كورونا من خلال تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي مهم شمل النواحي المالية والتجارية والاستثمارية والتشريعية وتحرير سعر الجنيه والقضاء على السوق السوداء.
وأضاف أنه من العوامل ايضا ادارة برنامج سوق السندات الدولية بشكل جيد عمل على جذب عملة صعبة لخزينة البنك المركزي المصري ما ساهم في رفع الاحتياطي النقدي.
وأشار إلى أن نجاح مشروع قناة السويس الجديدة أيضاً ساهم في جذب مزيد من العملة الأجنبية، وأخيراً زيادة الاستثمارات رغم جائحة كورونا.
ولفت الديب إلى أنه في كل الأحوال فإن دلالات ذلك هي شهادة جديدة بقدرة الاقتصاد المصري على امتصاص الصدمات ومنها جائحة كورونا.
ومن المتوقع ان يكون الاقتصاد المصري اقل الاقتصاديات تضررًا من جائحة كورونا، بعد انضام البنك الدولي إلى مجموعة من المؤسسات الدولية والبحثية الكبرى التي تتوقع أن تنفرد مصر بتحقيق معدل نمو إيجابي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال العام المالي الحالي، على الرغم من تأثر كافة اقتصادات المنطقة بالتداعيات الكارثية التي خلفها فيروس كورونا المستجد.
وفي تقرير جديد حول أحدث المستجدات الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، قال البنك الدولي، إن الناتج المحلي الإجمالي في مصر قد يسجل نمواً بمعدل 2.3 في المئة خلال العام المالي الحالي 2020 – 2021، بانخفاض عن 3.7 في المئة التي توقعها في النسخة السابقة من التقرير في أبريل 2020.
وعلى الرغم من ذلك، يتوقع البنك الدولي تعافي النمو الاقتصادي في مصر ليسجل ارتداداً قوياً إلى مستويات ما قبل الجائحة يصل إلى 5.8 في المئة خلال العام المالي المقبل 2021 – 2022.