أذا لم يحترم العالم الطبيعة سوف تنقلب عليه، كلمات عبر بها علماء عن مخاوفهم قبل عقود طويلة من ما نتعرض له اليوم ، وللاسف ما يتعرض له العالم اليوم من تغيرات مناخية نتيجة الاحتباس الحراري واتساع ثقب طبقة الاوزون قد يهدد اوجه الحياة علي كوكب الارض.
وفي السطور التالية نستعرض مخاوف التغيرات المناخية علي البشرية في ضوء تساؤلات نستعرض اجابتها من واقع أوراق بحثية قام بها عدد من الباحثين والخبراء المصريين.
في البداية يجب الأشارة الي مفهوم التغيرات المناخية وتأثيرها علي مصر، فالعالم المتقدم بدأ الانتباه إليها منذ ما يقرب من 25 إلى 30 عامًا، عندما لاحظ أن هناك تغيرًا ما طرأ على المناخ، بينما لم ينتبه إليها العالم النامي إلا مؤخرًا. وتعود أسباب هذه الظاهرة إلى زيادة معدلات النشاط البشري الصناعي الذي أدى إلى زيادة تركيز غازات معينة في الغلاف الجوي، وحدوث ما يسمى بـ”الاحتباس الحراري”؛ فوجود غازات مثل الميثان وغاز أول أكسيد النيتروز وغاز ثاني أكسيد الكربون وغاز أول أكسيد الكربون وخلافه في الغلاف الجوي هو وجود طبيعي لحفظ حرارة الكرة الأرضية في أثناء فترات الشتاء والليل، ولولا وجود هذه الغازات بتركيزاتها الطبيعية، لانخفضت درجة حرارة الكرة الأرضية شتاءً إلى سالب 30 درجة مئوية. ولكن مع زيادة معدلات النشاط الصناعي -خاصة في بداية ستينيات القرن الماضي- بدأت تحدث معه زيادة في تركيزات هذه الغازات.
وتُعَد دولة الصين أكبر دولة تُسهم في غازات الاحتباس الحراري، ثم تأتي أمريكا، فروسيا، ثم كندا، ثم دول الاتحاد الأوروبي، أي الدول المتقدمة عمومًا، وذلك بسبب النشاط الصناعي المكثف لديها، لكن على الرغم من ذلك فإن هذه الدول هي الأقل تأثرًا بالتغيرات المناخية.
لذلك أقول إن التغيرات المناخية هي ظاهرة عالمية ذات تأثيرات محلية، فهي تؤثر على الأماكن الأضعف في تكوينها وتركيبها الجغرافي والطوبوغرافي، فهي قضية غير عادلة من الناحية الإنسانية والاجتماعية، وتزيد الغني غنًى والفقير فقرًا، فالمناطق الممطرة تزداد مطرًا، والجافة تزيد جفافًا، وهكذا.
مصر تقع في منطقة جغرافية فقيرة وهشة مناخيًّا، إذ لا يتجاوز المطر 100 مم إلا في المناطق الساحلية في أقصى الشريط الشمالي الضيق، أما على مستوى باقي مناطق الجمهورية فمعدلات المطر لا تُذكر. وفي جنوب مصر من الممكن أن تصل إلى صفر مم، إذًا تقع مصر في منطقة جافة، ليس فيها سوى خط رفيع غني بالمياه، لا تزيد مساحته عن 3 إلى 4% من مساحة مصر، اسمه نهر النيل والدلتا، والباقي عبارة عن صحراء، وهو النطاق الذي يتأثر أكثر بالمناخ. ويصنف مناخ مصر في الشمال على أنه مناخ بحر متوسط في معظمه، أما في الجنوب فهناك مناخ جاف وشبه جاف.
هذا المناخ كان من أكثر مناخات العالم استقرارًا على مدار التاريخ، بدليل قيام معظم الحضارات حول حوض البحر المتوسط. وهذه المنطقة يميزها فصلان مناخيان واضحان جدًّا، فصل الشتاء البارد وفصل الصيف الحار، وكنتيجة للتغير المناخي حدثت زيادة ارتباك في النظام المناخي، وتعرضت هذه المنظومة لـ”تشوه”، فبدأت تحدث زيادة في التقلبات المناخية الحادة، وكذلك هطول كميات من الأمطار في توقيت زمني محدود، ما قد يتسبب في حدوث سيول، كما حدث في مناطق البحر الأحمر وسيناء وشمال الدلتا وجنوب الصعيد، أو موجات حارة طويلة جدًّا، وأحيانًا تحدث موجات شديدة الحرارة لمدة يوم أو يومين في توقيت غير طبيعي، كما حدث في 22 مايو 2018، عندما وصلت درجة الحرارة في مصر إلى 50 درجة مئوية، وكانت تلك أعلى درجة حرارة على سطح الأرض في ذلك اليوم.
وفي هذا السياق، كشف المهندس محمد رضا “متخصص في استصلاح الاراضي” : الزراعة واحدة من القطاعات التي تتأثر بالتغيرات المناخية وقد يؤدي ذلك الي اعدام محصول كامل داخل الارض لتغير مناخي مفاجئ قد يحدث، ومن ثم لابد وان يتم رفع حالة الوعي لدي المواطنين بخطورة تلك القضية وتصبح جزء من مناهج الطلبة داخل المدارس في مادة العلوم خاصة وان العالم بات الان علي حافة الهاوية بسبب التقدم الصناعي الكبير الذي ساهم في تقلبات المناخ فأنت الان يمكن ان تشاهد فصول السنه الاربعة خلال يوم واحد وهو ما يؤثر سلبًا علي النباتات المزروعة خاصة لو افترضنا ان ثمره تُزرع صيفًا وفجأة انخفضت درجات الحرارة والنتيجة دمار تلك الثمرة.
وعن حلول التغيرات المناخية واليات مواجهتها محليًا داخل مصر، اتفق الخبراء علي عدد من النقاط ومنها :-
وضع خطة طوارئ فى المدن والمحافظات التى تتأثر بالسلب من التقلبات المناخية مثل ارتفاع أو انخفاض درجات الحرارة وزيادة تآكل الشواطئ والعواصف الرملية، وعمل المزيد من الدراسات لمعرفة الظواهر غير الطبيعية التى بدأت تضرب مصر مثل هطول الأمطار بغزارة فى مرسى مطروح وغيرها من الظواهر، وتوفير تمويل كاف من الحكومة لتنفيذ المشروعات البيئية.
الترشيد فى استهلاك الموارد الطبيعية ومنها المياه والطاقة، وتوعية المواطنين ودمجهم فى خطة مواجهة التغيرات المناخية، لأن الاستهلاك الكبير للموارد الطبيعية يزيد من التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية، وترشيد إنتاج الطاقة بحرق الوقود الأحفورى الذى يزيد الكربون، ويتطلب هذا تحسين آلية بناء المساكن وضمان التهوية والإنارة الطبيعية لها قدر الإمكان، وتشجيع استخدام وسائل النقل العام، بدلا من وسائل النقل الفردية لترشيد استخدام الوقود.
الاعتماد على الطاقة المتجددة فى إنتاج الطاقة، والتخلى بالتدريج عن الوقود الأحفورى بترول، وفحم، وغاز طبيعى
استكمال البرنامج النووى المصرى، نظرا إلى أن المفاعلات الذرية تعتبر الأقل إصدارا للغازات الدفيئة، وذلك بالنظر إلى تقرير مكتب الطاقة الذرية الأوروبية، الذى يكشف أن أوروبا يمكنها زيادة طاقتها الذرية إلى ثلاثة أضعاف حتى عام 2050، ما يؤدى إلى تفادى انبعاث 6.3 مليار طن من غاز ثانى أكسيد الكربون.
زراعة الأشجار فى كل الأحياء وحول المدن لأنها تستهلك الكربون وتزيد الأكسجين فى الجو، خاصة أن جهاز شئون البيئة أشار إلى حاجة القاهرة لزراعة 12 مليون شجرة على الأقل، لاستهلاك الكربون الناتج عن عوادم السيارات، ويمكن زراعة الغابات الشجرية حول المدن (الأحزمة الخضراء Green Belts)، بمياه الصرف الصحى المعالجة بتكنولوجيات وتكاليف بسيطة.
فلترة مداخن المصانع، مع الوضع فى الاعتبار أن مصانع القاهرة (12600 مصنع) مسئولة عن انبعاث 50% من إنتاج الكربون فى الجو، ويقترح الخبراء ابتكار اساليب تقنية بسيطة كتمرير دخان المصانع على احواض مياه بها طحالب تستهلك الكربون وتنتج كهرباء، وبذلك نخفض زيادة درجات الحرارة إلى نحو النصف.
إعادة تدوير المخلفات بشكل صحيح وتحويلها إلى منتجات نافعة وطاقة كهربائية، لأن حرق القمامة فى مصر يتسبب فى 15% من تلوث الهواء، وتركها بدون حرق فى الشوارع يزيد من إنتاج غاز الميثان فى الجو، وتجدر الإشارة إلى أن مصر تنتج نحو 52 مليون طن سنويا من المخلفات (القاهرة تنتج 25 الف طن يوميا)، وما يعاد تدويره منها لا يتعدى 3%، مع التوسع فى استخدام قش الأرز فى صناعات وتطبيقات زراعية بدلا من حرقه.
زيادة المساحة المأهولة بالسكان من مصر، وإعادة توزيع السكانى بالتساوى لخفض الكثافة السكانية من خلال إنشاء مدن جديدة متمتعة بالبنية التحتية والمرافق الشاملة والطاقة المتجددة بحسب حسن.
منع بخر نهر النيل والترع الزراعية بتغطيتها، ويمكن أن يكون ذلك بخلايا شمسية كما يحدث فى الهند، وبذلك نتحكم فى بخر النهر وننتج كهرباء نظيفة مستدامة لسد عجز الطاقة، والتغذية الصناعية بإلقاء الرمال الدورية على الشواطئ لحمايتها من النحر، مع ملاحظة أنها لن تمنع الزيادة المتوقعة فى تغلغل المياه المالحة وامتداد تملح الأراضى وفقدان انتاجيتها تدريجيا.
حظر المبيدات والمخصبات الكيميائية فى الزراعة، والاتجاه إلى البدائل الطبيعية والزراعة العضوية المستديمة (مثلا إنتاج الأسمدة العضوية من المخلفات الزراعية والحيوانية المعالجة، وإعادة توزيع الخريطة الزراعية المصرية بالابتعاد عن المناطق التى بها أمراض (كالدلتا مثلا)، وتعديل النمط الزراعى بعمل دورات زراعية مناسبة (بمعنى زراعة محاصيل تقوم مخلفاتها بدور المسمدات للمحاصيل التالية لها).