موسم خير وبركة انتهى في جنوب الصعيد بعد مرور 3 أشهر من العمل الجاد داخل مبنى مصنع سكر أرمنت على ضفة نهر النيل غرب محافظة الأقصر، حيث اختتم موسم حصاد وعصير قصب السكر رسمياً للعام الحالى 2025، وذلك بناءاً على تعليمات المهندس صلاح فتحى العضو المنتدب الرئيس التنفيذي لشركة السكر والصناعات التكاملية المصرية، وذلك عبر توريد أكثر من 830 ألف طن قصب من المزارعين.
وشهد مصنع سكر أرمنت الذي يعود تاريخه لأكثر من 156 صنة مضت، العمل على مدار 3 أشهر مضت في موسم حصاد وتوريد وعصير قصب السكر، وذلك بداية من 10 يناير 2025، وحتى أبريل الجارى، حيث استقبل فيها المصنع ما يقرب من 830 ألف طن من محصول القصب، حيث يعتبر المصنع الأقدم في جنوب الصعيد والذي تم إنشاؤه في عام 1869 تزامناً مع الافتتاح الرسمي لقناة السويس بعهد الخديوى إسماعيل باشا، وهو الأكبر حيث يضم حوالى 1655 موظف وعامل يساهمون في إنجاح موسم قصب السكر بصورة سنوية، حيث تبلغ طاقته الإنتاجية أكثر من 150 ألف طن سكر سنوياً.
وتشمل خطوات العمل فى محصول قصب السكر داخل المصنع، وصوله عبر الجرارات الزراعية أو قطارات الديكوفيل، ويدخل مرحلة الموازين المعايرة عن طريق إدارة الأجهزة بالمصنع ومصلحة الدمغ والموازين، ويتم تفريغها داخل عنبر التفريغ الميكانيكي عبر الأوناش أو دمبر الهيدروليك، وبعد ذلك تنتقل أطنان القصب لمرحلة التجهيز وهي عبارة عن قطعتين تقوم بقطع القصب قطع صغيرة ليتم استخلاص منها العصير، وتنتقل لعنبر العصارات التى يوجد منها نوعين الأول عبارة عن قطار عصارات عبارة عن 5 أو 6 عصارات، والثانى عبارة عن 3 عصارات وجهاز إنتشار بالمنتصف، موضحاً إن جهاز الإنتشار إختراع مصرى وتم نقله للدول الأوروبية، وعقب ذلك يتم استخلاص العصير ليخرج منه العصير والمصاص، فالمصاص ينتهي إما بالحرق في المراجل لإنتخار البخار لتشغيل التوربينات البخارية لتوليد الكهرباء للمصنع، أو يتم الإستفادة منها بمصانع فايبر أو ورق.
وحصل مصنع سكر أرمنت على دفعة كبيرة في مايو العام الماضي، عبر افتتاح أول برج لتبريد المياه بهدف الحفاظ على مياة النيل من التلوث، وذلك إطار التعاون بين شركه السكر والصناعات التكاملية المصرية ووزارة البيئة (جهاز شئون البيئة)، حيث تم إنشاء برج تبريد جديد بطاقة 4000م3/س بهدف خفض درجة حرارة مياة التبريد للمصنع من 43 م oالى 28مo بمعدل + 15مo وعلية فقد تم التعاقد مع شركة ILMED الايطالية لتوريد مكونات البرج وتم تحرير عقد رقم 13.6 بأرقام ضمان تعاقدية بحضور وكيل المورد “شركة تراكون” وطبقاً لبرنامج زمني وصولاً الى الاستفادة من المنح والقروض التي تمنحها وزارة البيئة مشروع التحكم فى التلوث الصناعي EPAP3 الذي يوفر الدعم الفني والمالي للمشروعات البيئية لتحقيق التوافق البيئي وصولاً الى حدود القانون، علماً بأن مشروع EPAP3 قد بدأ فى 2015 وسينتهي فى 2024 وبالتضامن مع شركاء التنمية فى هذا المجال (بنك التعمير الالماني KFW بنك الاستثمار الأوروبي الوكالة الفرنسية للتنمية AFD بنك قطر الوطنى QNB ) والذي فاز بالتمويل.
ويعود تاريخ مصنع سكر أرمنت إنه في عام 1863 بعد تولي الخديوى إسماعيل باشا حكم مصر خلفاً لعمه محمد سعيد باشا، وبسبب انخفاض أسعار القطن بعد نهاية الحرب الأهلية الأمريكية، تنبه الخديوي إسماعيل باشا لخطر اعتماد الاقتصاد المصري على محصول القطن فقط، فوجه اهتمامه إلى صناعة السكر، حيث تم انشاء 18 مصنع للسكر شملت عدة أقاليم من أول محافظة بني سويف حتى محافظة قنا جنوباً، وبجانب هذه المصانع الحكومية تم انشاء عدد من المصانع الأهلية الصغيرة وبلغت عدد هذه المصانع 64 مصنعاً ومن بين هذه المصانع التي أنشئت في عهد الخديو اسماعيل باشا كان مصنع أرمنت الذي بدأ في عام 1869 ميلادية، وقد تزامن إفتتاحه وتشغيله مع افتتاح قناة السويس.
جدير بالذكر إنه قد دخلت زراعة قصب السكر مصر في العهد الأموي، في ولاية “قرة ابن شريك”، بعد ان استقدم العرب فسائل القصب من الهند، وزرعوها في الصعيد، حيث انتشرت مصانع قصب السكر في عهد محمد علي باشا، وفي عهد حفيده الخديو إسماعيل، حيث قام ببناء 18 مصنعا في الصعيد منهم مصنع الضبعية الذي اندثر، وقد وصف المؤرخ على باشا مبارك مصنع الضبعية، وهي قرية كانت تتبع قنا قديما، وصارت حالياً ضمن محافظة الأقصر، بالوصف التالي -نقلاً عن نصه بالخطط التوفيقية صفحة 27 من الجزء الثالث عشر- “فى الضبعية للدائرة السنية تفتيش أطيان عشرة آلاف فدان تزرع قصبا وتسقى بالوابورات وبها فاوريقة فرنساوية ذات عصارتين وآلات كاملة لعصره وعمل السكر منه، وينقل إليها القصب بسكك حديد زراعية معمولة هناك، وشغلها دائما ليلاً ونهاراً كباقى الفاوريقات بواسطة وابور نور، تتفرق أنواره على العنابر والآلات والمخازن وجميع الأماكن اللازمة للشغل”.