نجحت مصر وبجهود رجالها فقط في تعويم سفينة الشحن البنمية التي تسببت في تعطيل المجري الملاحي لقناة السويس لعدة ايام، وهو الامر الذي ترتب عليه تعطيل حركة التجارة العالمية العابرة عبر القناة بما يهدد ارتفاع اسعار بعض السلع خاصة مع ارتفاع الطلب في ظل وباء كورونا وانخفاض المعروض علي اثر تلك الحادثة، وهو ما يجعل التساؤل الذي يطرح نفسة الان وبقوة، ماذا يعني توقف حركة الملاحة في قناة السويس ومن يتحمل غرامات التأخير؟، وذلك في الوقت الذي التفت فيه انظار العالم الي الشركة المسئولة عن إدارة السفينة والتي ارتكبت حوادث مشابهة من قبل.
خبراء في النقل البحري، اكدوا ان المسئول عن دفع الغرامات في تلك الحالة اذا ثبتت التحقيقات عدم ارتكاب طاقم السفينة خطأ بشري ما يعرف باسم “نوادي التأمين والحماية” وتكون عبارة عن كيانات مُشكّلة من مجموعة من مُلاّك السفن يساهمون بمبالغ مالية تكافلية مُخصصة لحالات الكوارث، لكن صرف مبالغ التعويض لا يتم إلاّ بعد إجراء تحقيق يُثبت أن ما حدث للسفينة ليس خطأ من أفراد طاقمها، أو نتيجة إهمال في صيانتها، بل لأسباب خارجة عن إرداتهم، وهو ما يتم عن طريق وكلاء هم من البداية المسؤولون عن السفينة وكل إجراءات مرورها في المجرى الملاحي وما يتسلزمه من توكيل عبور وشهادات ورسوم.
وفي تصريحات صحفية، يرى اللواء سيد شعيشع أهمية الاستعداد للتحقيقات، لما سيترتب عليها من حقوق وتعويضات ضخمة قد تصل إلى الملايين من الدولارات، مشيرًا إلى ضرورة عمل مصر على تحقيق جاد ودقيق حتى لا تقع في حبائل شركات التأمين.
ويلفت خبير تحقيقات الحوادث إلى أن واقعة جنوح السفينة ليست حادثة بسيطة، ويترتب عليها خسائر مالية كبير، ولا يمكن تسويتها بشكل ودي مع الوكلاء وشركات التأمين كما كان يعمل به في الحوادث البسيطة التي تقع في مجرى القناة سابقًا.
ويشدد على ضرورة إجراء تحقيق دقيق يراعي المعايير العالمية، حتى يمكن تسوية جميع التعويضات التي قد تطالب بها مصر، ومن المتوقع أن تشمل تحمل الشركة المالكة للسفينة لكافة تكاليف تعويم السفينة، والمشاركة في خسائر عوائد القناة.
ويتابع قائلًا: “الظروف الجوية قد لا تكون السبب الوحيد في جنوح السفينة؛ إذ نجح المرشدون العاملون في هيئة قناة السويس في العبور بآلاف السفن بحجم هذه السفينة، وأكبر منها عبر مجرى القناة في ظروف بالغة السوء”.
أما عن طبيعة التحقيق نفسه فيقول شعيشع: “نموذج التحقيق الدولي يتكون من ستة أوراق؛ تتضمن موقف السفينة الفني بالكامل، يوقعه قبطان السفينة والمحقق المصري”، مشيرًا إلى ضرورة وجود هذا التحقيق باعتباره الوثيقة التي تستند إليها شركات التأمين في صرف أي التزامات مالية تترتب على الحادث.
ومن بين الجوانب التي يراعيها التحقيق، خطط توزيع البضائع على ظهر السفينة، ويُرجح اللواء سيد شعيشع احتمالية أن تكون شركة الشحن فشلت في توزيع البضائع بشكل جيد؛ إذ يقول: “في حالة تحميل مقدمة المركب أكثر من الغاطس الخلفي فيصبح هناك احتمال كبير لجنوح السفينة، والعكس، وكل هذه الاحتمالات يكشفها التحقيق“.
وبحسب محقق الحوادث البحرية فإن أحد المسائل الهامة التي يوضحها التحقيق أيضًا؛ مدى تجاوب قبطان السفينة مع توجيهات المرشد الملاحي التابع لهيئة قناة السويس، “فربما كان تجاوب القبطان مع المرشد الملاحي بطيء، ما قد يتسبب في جنوح السفينة في نهاية الأمر“.
وينوّه شعيشع، إلى أن التكنولوجيا الحديثة أصبحت تستطيع كشف كل ما حدث في السفينة قبيل الحادث، داعيًا السلطات المصرية إلى التسريع بإجراء تحقيق عاجل تجنبًا لأي لبس قد يحدث في المستقبل عقب انتهاء الحادث.
في اتجاه آخر يحمل الربان محمد فوزي، رئيس مراقبة الملاحة بهيئة قناة السويس سابقًا، المسؤولية عن الحادث للسفينة كاملة للشركة المالكة للسفينة “إيفرغرين”، حتى في حالة كان سبب جنوح السفينة يرجع لسوء الأحوال الجوية.
ويوضح فوزي، في حالة سوء الأحوال الجوية وانعدام الرؤية تُخيّر هيئة قناة السويس قبطان السفينة ما بين الانتظار أو المرور، ويعود القرار النهائي له؛ إذ تنص لائحة هيئة قناة السويس على عدم مسؤوليتها عن سلامة السفن،
ويقتصر دور المرشد الملاحي التابع للهيئة على توجيه القبطان وتقديم النصائح التي تساعده في العبور عبر المجرى الملاحي، بحسب ما أكد فوزي.
وشدد رئيس مراقبة الملاحة بهيئة قناة السويس السابق على أن جميع تكاليف التعويم تتحملها الشركة المالكة، إضافة إلى أن من حق الهيئة أيضًا طلب تعويضات نظير تأخير قوافل السفن؛ لافتًا إلى أن الدخل اليومي للقناة لا يقل عن 16 مليون دولار أميركي.