شدد الدكتور آريس جورجاكاكوس أحد أهم الخبراء فى إدارة أحواض الأنهار الدولية، أنه من مصلحة إثيوبيا أن تبرم إتفاقية مع دولتى المصب وكافة الأطراف حتى لا يلحق الضرر بدولتى المصب مصر والسودان، قائلاً: “على ما أعتقد أنه من مصلحة إثيوبيا أن تبرم اتفاقية كى لا تؤذى مصر أو السودان إلى الدرجة التي تدفعهما للبحث عن طرق بديلة لمعارضة إثيوبيا فى ملء السد“.
وحول الجوانب القانونية وأهميتها، قال: “هذا شيء هام ولن أقول أى تصريحات بشأن الجوانب القانونية، وأعتقد أنها قيد النقاش وهى نقطة خلاف علينا أن نتخطاها“.
وأكد فى لقاء عبر تطبيق “زووم” خلال لقاء مع الإعلامية لميس الحديدى على شاشة “ON” قائلاً: “لكن الأخبار الطيبة أن هذه الاستراتيجية موجودة وهناك طرق لتنفيذها دون إيذاء أحد، ولا أعتقد أن إثيوبيا ستختار أن تتصرف بشكل أحادى وتقدم على تصرف قد يؤذى ملايين البشر سواء فى مصر أو السودان، ولذلك أعتقد أن هناك سوء تفاهم بشأن جدوى القيام بذلك دون إيذاء أى أحد .. وهناك استراتجيات مثل ذلك بالفعل“.
وحول الاشتراطات الآمنة لعملية الملء، قال: “يجب أن تتم عملية الملء عندما يكون فيضان النيل أكبر بشكل ملحوظ أو فوق المتوسط لأننى كما قلت سابقاً أن مياه النيل تستخدم بنسبة 100% من الفيضان الموجود.. سأعطيكم مثالاً حول تكلفة عدم وجود اتفاق الآن؟ بينما نحن نتحدث الآن فإن دول النيل الجنوبية حيث بحيرات فيكتوريا ويوجا وألبرت لديها فيضانات تاريخية وغير مسبوقة، وأنا أعلم ذلك لأنى أعمل مع أوغندا وتنزانيا وخاصة أوغندا بشأن إدارة هذه الفيضانات“.
وأكمل: “إذاً فقد شهد العام الماضي وهذا العام وربما أعوام أخرى قادمة فيضانات بشكل أكبر وملحوظ، لهذا فإذا كانت هناك اتفاقية مبرمة -طبقاً لما ذكرته بأنه تكون عملية الملء عندما يكون الفيضان عالي- لكانت إثيوبيا تمكنت من ملء السد أسرع مما اقترحوه، لكن هناك شك فى ذلك .. إذاً عدم وجود اتفاقية يؤذى مصالح إثيوبيا وكذلك مصر والسودان كدولتى مصب“.
وأضاف: “الشيء الآخر الذى أريد أن اقوله بشأن الملء، أنه ربما يكون هناك سوء تفاهم حيث إن إثيوبيا ترغب فى ملء السد حتى أخره فى وقت محدد، وهنا أجد صعوبة في هذا الشأن لأن ملء السد مرتبط باستراتيجية تنظيم عمل السد“.
واقترح الخبير عدة طرق بديلة لحل أزمة الملء، قائلاً: “اقتراحي بأن هناك طرق بديلة لفعل ذلك، وهو أن يتم ملء السد عندما يكون الفيضان فوق المتوسط واعتبار أن الملء قد تم عندما يتم عملية ملء متزامن فى كافة أماكن التخزين علي النيل الشرقي، وأن تكون كلها في مستوى واحد، ومن هناك نعود لاستراتجية التنظيم بكافة تفاصيلها الفنية وهي موجودة ومقترحة وتبدأ حينها المنظومة في العمل دون أي خطاً .. وبالتالي فلا حاجة لتخزين 60 أو 74 مليار متر مكعب في إثيوبياً إذا كان هناك جفاف، لأن مصر في هذه الحالة ستتلقى ضربة كبيرة على المستويين الاقتصادي والاجتماعي وهذا غير مقبول وغير عادل .. إذاً علينا أن نملأ السد عندما يكون الفيضان فوق المتوسط، وأن تقف عملية الملء عندما نصل لنفس المستوى الخاص بملء الخزانات الأخرى فى السدود الأخرى“.
وأوضح الخبير الدولى، أنه يعلم كخبير أن عملية التفاوض محبطة بعض الشيء لكافة الأطراف المعنية، معربا عن اعتقاده بأن مشكلة المفاوضات تكمن فى وجود سوء تفاهم بشأن البيانات الفنية وربما بحسب وصفه يعود ذلك الاحباط بسبب عدم وجود ثقة بين الأطراف، قائلاً: ” الأمر محبط بعض الشيء وأنا أعرف أن العملية التفاوضية محبطة لكل الدول المعنية، والمفارقة هنا أنني أرى أن هناك إجراء واضح لملء الخزان وتنظيمه بشكل مقبول وعادل فنياً ومفيد للجميع“.
وتابع قائلا: “لذلك فإننى أعتقد أن مشكلة المفاوضات تكمن فى سوء التفاهم بشأن البيانات الفنية وربما كان هناك عدم ثقة بين الأطراف، وبالتالى فالأمر الأول الذى يجب أن نفعله هو أن نصل لطريقة يمكن من خلالها بناء الثقة على المستوى الفنى والتشارك فى الآراء والاتفاق على بعض المعلومات والبيانات، وأن يتم معرفة المنظومة بأكملها، ثم الانتقال إلى المستوى السياسى لننظر إلى المشكلة ونحاول أن نحقق تقدم. وأعتقد أنه علينا أن نوسع عملية التفاوض، فيجب أن تكون هناك مشاركة من قبل محكمين حقيقيين مستقلين ومحايدين وخبراء، بحيث تكون المعلومة متوفرة للجميع، ويتم تفهم مصالح الأطراف المعنية بشكل كامل وبالأخص النقاط ذات الحساسية، النقطة الإيجابية من وجهة نظري- وأنا على اتصال بكل دول النيل- أنه يوجد طريق للمستقبل اذا ما اتفق الجميع و بوضوح على البيانات والمعلومات المتاحة”.