تسعى الحكومة إلى تطبيق منظومة جديدة لتقديم الدعم إلى المواطنين نقديا، بدلا من الدعم العيني، لتخفيف النفقات من على كاهل الدولة، وخدمة الفئات الأولى بالرعاية، وضمان وصول الدعم لمستحقيه.
وتقدم الحكومة الدعم العيني في صورة سلع تموينية مثل الزيت والسكر والأرز والخبز بأسعار مخفضة للمواطنين من معدومي الدخل الذين يعيشون على إعانات الدولة أو أصحاب الدخل غير الثابت أو محدودي الدخل.
وبدأ مجلس الوزراء مناقشة التحول إلى الدعم النقدي ودراسة تطبيقه في بداية يناير من العام 2020، بالتنسيق مع عدد من الجهات المعنية، للاتفاق على الآليات الخاصة بالتنفيذ، إلا أنه لم يعلن حتى الآن ما أفضت إليه النقاشات.
الدكتور مصطفى أبوزيد، مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، يقول في تصريحات صحفية سابقة، إنّ تحويل منظومة الدعم العيني إلى الدعم النقدي يساهم بقوة في خفض النفقات الضخمة التي تنفقها الدولة في عقد المناقصات التي يتم بناء عليها اختيار الشركات صاحبة السعر الأقل نظير توريد السلع التموينية لمنافذ صرفها للمواطنين، ونفقات نقل السلع من الشركات المنتجة أو الموردة إلى المنافذ، ورواتب العاملين في المنافذ إذا كانت مملوكة للدولة، أو تكاليف استئجار أجزاء من بعض المحال التجارية الخاصة كمنافذ توزيع.
ويرى أبوزيد أنّ هناك صعوبة في تحديث بيانات متلقي الدعم العيني أو تحري دقتها، وبالتالي يقدم بعض المواطنين على تقديم أوراقا مزيفة عن حقيقة دخلهم، أو يدّعون أنّهم لا يملكون دخلا لأنهم يحصلون عليه من أعمال غير مثبتة في أوراق الدولة، فضلا عن وجود مواطنين يتحسن دخلهم بحيث يخرجون من بين مستحقي الدعم من دون أن يخطروا الدولة، وكلها حيل تتسبب في إهدار موارد الدولة، وضعف حصة المواطنين مستحقي الدعم.
ويشير إلى أنّ الدعم النقدي يوقف إهدار موارد الدولة ويساهم في زيادة حصة المواطن من الدعم، ويمكن تسلم المواطنين الدعم نقديا عن طريق المكاتب الحكومية أو تحويله لهم على حساباتهم البنكية، ما يسهل معرفة قيمة مدخراتهم من خلال كشوف حساباتهم والبنك المركزيّ الذي يستطيع من خلال قواعد بياناته الكشف عما إذا كانوا يملكون حسابات أخرى أو لا، ما يضمن وصول الدعم لمستحقيه.
ويوضح أسامة الشاهد، رئيس مركز الدراسات السياسية بحزب الحركة الوطنية، أنّ الدعم العيني تسبب في إهدار للموارد وعدم الوصول إلى مستحقيه الحقيقيين، ولكن التحول إلى منظومة الدعم النقدي التي تسعى الحكومة تطبيقها يجب إجراء حوار مجتمعي حولها للتوافق بشأن الشكل الأمثل للتطبيق، كما يجب الانتهاء من تنقية قاعدة بيانات مستحقى الدعم قبل أي تغييرات في منظومة الدعم الحالية، ولا تتم عملية التحول إلى الدعم النقدي المشروط إلا في إطار منظومة متكاملة للحماية الاجتماعية تستهدف الأكثر فقرا بطريقة علمية، مشددا على ضرورة عدم المساس بقيمة الدعم المقدم للمواطنين سواء كان عيني أو نقدي.
وكان الدكتور علي المصيلحي وزير التموين، أكد في تصريحات تلفزيونية في 14 يناير2020، تفضيله التحول إلى الدعم النقدي بدلا من العيني، ولن تخفض الحكومة الدعم بأي شكل من الأشكال، وأنّ الهدف من التحول هو رفع كفاءة منظومة الدعم.
ويضيف الشاهدأنّ التحول إلى الدعم النقدي، كان فرصة للعديد من الدول لإعادة النظر في منظومة الدعم برمتها بإضافة شروط استراتيجية، بينها إلزام متلقي الدعم بانتظام أطفاله في التعليم المدرسي وتقديم تقارير صحية محددة سنويا، مقابل الحصول على الدعم، مشيرا إلى أنّ هناك دولا مثل المكسيك والبرازيل نجحت في خفض نسبة التسرب من التعليم وتحسين الحالة الصحيّة للمواطنين، وخفض معدلات الفقر من خلال تطبيق الدعم المشروط.
ويقترح الشاهد في حالة التوافق بشأن التحول إلى نظام الدعم النقدي، البدء بتطبيقه تجريبيا في 3 محافظات، وتقسيم المستفيدين من الدعم إلى مجموعتين متساويتين، الأولى تحصل على الدعم في المنظومة المطبقة حاليا، والثانية تحصل على الدعم وفق المنظومة الجديدة لفترة معينة، وبعدها يتم تقييم أثر التطبيق على الأسر في كلتا المجموعتين بطريقة علمية لقياس أثر التحول، وما إذا كان الدعم النقدي سيحقق فائدة أكبر للمواطن والخزانة العامة على حد سواء أم لا، ومن خلال نتائج التجربة يتم إقرار ما إذا كان سيتم التحول الكامل لنظام الدعم النقدي أم الاستمرار بالمنظومة الحالية.
وساهم دعم المواد الغذائية في خفض نسبة الفقر بواقع 5.3%، كما أدى إلى تحسين مستويات معيشة محدودي الدخل، إذ يصل متوسط ما يتم إنفاقه على الأسرة من الدعم الغذائي 2246 جنيها سنويا، وفق النتائج الأخيرة لمسح الدخل والإنفاق.
ويشير الشاهد، إلى أنّ هناك حالة رضا من قطاع عريض من المواطنين عن منظومة دعم كروت السلع التموينية الحالي، وتخوف من أن يؤدي التحول إلى الدعم النقدي المشروط إلى ارتفاع أسعار السلع أو عدم توافرها في ظل عدم انضباط الأسواق.
وكان المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، أكد في المراجعة الثانية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي في مصر، أنّه يمكن تعزيز شبكة الأمان الاجتماعي بتحقيق تقدم أكبر، في التحول من دعم المنتجات إلى نظام التحويلات النقدية الأفضل استهدافا للمستحقين.
ورغم اقتراب الحكومة من إقرار المنظومة الجديدة لتقديم الدعم النقدي، حذر الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، من الشروع في الدعم النقدي، إلا في حال وجود آليات لضبط الأسواق من حيث توافر المنتجات وعدم غلاء أسعارها الذي قد يحدث بفعل المحتكرين.