يبدوا ان محاولات الوصول الي القمر والتي بدأت علي يد الروس عام 1959 تبعتهم الولايات المتحدة الامريكية وما تردد بعد ذلك من نظريات مؤامرة حول حقيقة ذهاب الانسان علي سطح القمر، لم تكن سوي البداية لصراع دول عظمي من أجل السيطرة علي الفضاء الخارجي بحثًا عن ثروات طبيعية فضلاً عن تشكيل قوي عسكرية ضاربة، وما بين الخيارات العسكرية والبحث عن موارد طبيعية، نرصد تفاصيل الحرب الباردة ومحاولات خلق مجتمعات تتعايش وتتكاثر علي سطح القمر ونصيب الفرد من تلك الثروات بحسب ابحاث قامت بها دوريات علمية اهتمت بحروب الفضاء.
هل تدق طبول الحرب فوق سطح القمر؟
صراع القوى على التوطين واستغلال موارد القمر، بحسب رؤية الدوائر السياسية في واشنطن، أقرب إلى صراع الدول الاستعمارية في القرنين السابع عشر والثامن عشر، وحتى نهاية القرن التاسع عشر، وهي السنوات التي شهدت تمدد المستعمرات واستغلال موارد الدول، ودقت طبول الحرب بين الدول صاحبة النفوذ والقوة.. فهل تدق طبول الحرب فوق سطح القمر؟ وهل يشهد العالم نوعا جديدا من الحروب الفضائية؟ بحسب تساؤلات المراقبين للسباق الدولي المحموم على السيطرة والتوطين فوق سطح القمر.
والسباق العالمي الجديد على العودة إلى القمر، قد بدأ بالفعل، وتعتقد الإدارة الأمريكية أنه بات يمثل أولوية قصوى، وفي مذكرة كتبها إلى ناسا عالم الفضاء “جولدمان ساكس” عام 2017، أكد فيها، أن تعدين الفضاء يمكن أن يكون واقعاً بأكثر مما يتصور الجميع، وأن استخدام الماء كوقود يغير قواعد اللعبة، وأن على أمريكا أن تكون في عجلة من أمرها كي تسبق الجميع، مشيرا إلى أن المشكلة الأكثر إلحاحاً الآن هي توفير إمكانية وجود وقود للصواريخ التي تحمل مركبات الفضاء على سطح القمر عن طريق استخدام عنصري الهيدروجين والأوكسجين في الماء الذي ثبت وجوده بالفعل على سطح القمر، والاعتقاد السائد بين علماء الفضاء أن الماء يشكل مورداً مهماً يوفر إمكانية استخدام عناصره كوقود بما يغير قواعد اللعبة لأن الصواريخ تحتاج إلى كميات هائلة من الوقود كافية لرحلتي الذهاب والعودة، ويشكل الوقود 85% من حجم الصاروخ الذي يكاد يصل إلى حجم ناطحة سحاب.
وكشف متحدث باسم وكالة ناسا للفضاء، أنه بحلول عام 2028 سوف تكون وكالة الفضاء الأمريكية قادرة على تأسيس وجود دائم على سطح القمر، وسوف تتمكن ناسا من إطلاق مركبة قادرة على نقل البشر إلى القمر بتكلفة أقل، وأنه آن الأوان لأن يشارك القطاع الخاص سواء في عمليات تطوير مركبات الفضاء أو إطلاق الصواريخ أو في عمليات التعدين فوق سطح القمر، خاصة أن ثمة قانونا صدر عام 2015 يسمح للشركات الأمريكية بالحق في الموارد التي تستخرجها من الفضاء، وهناك بالفعل 8 شركات كبرى تعمل مع ناسا في مشروع متكامل لاستثمار القمر، حيث رجحت التقارير ان نصيب الفرد حول العالم من ثروات الفضاء تقدر بقيمة 100 مليار دولار، كذلك استثمار موارد الفضاء يمكن أن يدر ما بين 73 مليار يورو و170 مليارًا بحلول عام 2045، كما انه يوفر وظائف لمليون و800 الف فرد بحلول عام 2045، كما ذهب البعض الي الاعتقاد بأن السماء تمطر الماسًا في كوكبي “نبتون” و”أورانوس” و”المشتري” و”زحل”، وان الكويكب الذي تعد قيمته السوقية اكثر من مليار دولار هو ما يستحق التعدين.
أطراف الصراع على موارد وثروات القمر
أطراف السباق على استعمار القمر واستثماره، هي الولايات المتحدة التي تعتزم بالاشتراك مع القطاع الخاص إرسال مركبة فضاء سوف تهبط على سطح القمر، وموسكو التي تمكن مسبارها قبل 40 عاماً من العودة إلى الأرض وهو يحمل 6 أوقيات (168جراماً) من تربة القمر، والصين التي تدخل هذا المجال بقوة وتمكنت أخيراً من أن ترسل في 3 يناير 2018 مركبة فضائية هبطت لأول مرة على الجانب البعيد من القمر، ووكالة الفضاء الأوروبية، وقد وضعت المفوضية الأوروبية، خطة لزيادة ميزانيتها المخصصة لبرامج الفضاء من 11،1 مليار يورو حاليا إلى 18،85.
الولايات المتحدة الأمريكية، بدأت الاستعداد لغزو واستعمار القمر، والبقاء هناك باستخدام تقنيات جديدة، وأنظمة استكشاف حديثة، وليس كما فعلت «ناسا» قبل خمسين عاما عندما هبطت على سطح القمر ثم انقطعت العلاقة على مدى عقود طويلةـ بحسب تصريحات مدير وكالة «ناسا» والذي دعا رواد الصناعة الأمريكية للمساعدة فى تصميم وتطوير مركبات فضائية لتسهيل الهبوط على القمر.
وكانت موسكو قد سبقت واشنطن بإعلانها عزمها على بناء محطة روسية مأهولة على سطح القمر بحلول عام 2034 بحيث يتعين على رواد الفضاء القيام بمهام متعددة هناك، وينص برنامج وكالة الفضاء الروسية «روسكوسموس» على نقل مركبة ثقيلة بحلول عام 2032، سيستخدمها رواد الفضاء للتنقل على سطح القمر، وتنفيذ مهام متعددة، بما فى ذلك تفقد سطحه واكتشاف المعادن واستخراجها، وتحديد مواقع الإقامة والاستقرار فوق سطح القمر للوجود الدائم.
ثروات سطح القمر
وفق ما اعلنه رئيس قسم دراسة القمر والكواكب في معهد شتامبرغ الروسي الدكتور فلاديسلاف شفتشنكو، يمكن أن نعثر على سطح القمر على كميات كبيرة من المعادن النادرة مثل الليتيوم والبلاتين والنيكل والذهب، وأوضح أن تلك المعادن ظهرت على سطح القمر جراء سقوط كويكبات غنية بالثروات الطبيعية كانت تحلق بسرعة منخفضة تعادل 12 كيلومترا في الثانية قبل اصطدامها بسطح القمر، ولم تتبخر تلك المعادن نتيجة انفجار الكويكبات، بل إنها تحطمت، فبقيت شظاياها راقدة في داخل الحفر القمرية.
وقد تصبح عملية نقل عينات المعادن النادرة من القمر إلى الأرض ذات نفعية من الناحية الاقتصادية، وقد يوكل الي المركبات القمرية الذاتية الحركة مهمة جمع عينات من تلك المعادن الثمينة لنقلها إلى الأرض فيما بعد، علما أن سعر الليتيوم في السوق يبلغ بضعة آلاف الدولارات مقابل الكيلوغرام الواحد.
التواصل مع الكائنات الفضائية
دأبت الدول المهتمة بأرسال عدد من “مسبار الفضاء” والخاص باستكشاف الفضاء الخارجي علي وضع رسائل من كوكب الارض الي الكواكب الاخري مثل المريخ علي امل ان يستقبلها كائنات يظن العلماء بأنهم يعيشوا علي تلك الكواكب، وهنا حذر عدد من العلماء حول خطورة تلك الرسائل خاصة العالم الفيزيائي البريطاني، ستيفن هوكينج، الذي رحل عام 2018، وقد حذر من محاولة الاتصال بأي شكل من الأشكال بالكائنات الفضائية الذكية، وكان يعتبره “أمراً خطيراً جدا”. وكان يبرر رفضه لهذه المحاولات بالقول إنه إذا اكتشفت تلك الكائنات الفضائية الغريبة وجود الأرض، “فمن المرجح أنها سترغب في قهر كوكبنا واحتلاله”.