نجح باحثون من معهد هيوستن ميثوديست للأعصاب، في تقليص حجم ورم سرطاني ينمو في الدماغ، إلى ثلث حجمه، وذلك من خلال استخدام خوذة تولد مجالاً مغناطيسياً متذبذباً، ارتداها أحد المرضى المصابين بسرطان المخ على رأسه أثناء العلاج بالمنزل، خلال فترة إجراء التجارب السريرية.
عانى الرجل، الذي شارك في التجارب السريرية، من ورم أرومي دبقي، وهو أكثر أنواع سرطان الدماغ فتكا لدى البالغين، وغالباً ما يكون قاتلاً، إذ يبلغ متوسط العمر المتوقع ما بين بضعة أشهر إلى عامين، وقد خضع المريض لاستئصال جراحي جذري وعلاج كيميائي وإشعاعي، كما حصل على علاج جيني تجريبي لورم في الفص الأمامي الأيسر، إلا أن الورم قاوم جميع هذه العلاجات.
قرر الفريق الطبي في النهاية، الحصول على موافقة إدارة الدواء والغذاء الأمريكية، لتطبيق العلاج الرحيم للمريض، باستخدام جهاز يسمى “أونكوماجيناتيك”، الذي تم اختراعه حديثا بهدف السيطرة على الأورام الدماغية باستخدام الموجات المغناطيسية.
بعد عودة الأمل في شفاء الرجل من خلال العلاج الجديد باستخدام الخوذة المغناطيسية، توفى المريض البالغ من العمر 53 عاما في حادث مؤسف جراء سقوطه على رأسه، وهو أمر لا صلة له بالعلاج، وعانى منه مرارا قبل البدء في الجلسات، إلا أن تشريح دماغه بعد وفاته أثبت وجود استجابة سريعة للعلاج بالمجال المغناطيسي المتناوب، حيث -وبحسب ما ورد في الدراسة التي نشرتها دورية “فرونتير أونكولجي”- اختفت 31% من الكتلة الورمية للسرطان.
هذا العلاج يمثل طفرة جديدة، لأنه أفضل من الكيماوي، فغالبا ما يكون لمعايير العلاج تأثير سلبي على نوعية الحياة بما في ذلك العلاج الإشعاعي والكيميائي، اللذان يسببان خسائر فادحة على المستويين الصحي والاقتصادي، وفي كثير من الأحيان، لا يستطيع المرضى تحمل جلسات العلاج الكيميائي الموصوفة، وبالتالي، هناك حاجة كبيرة لم يتم تلبيتها لنهج علاجي مختلف تماما مع نتائج أفضل وسمية أقل.
وقد ثبت قبل أعوام، أن المجالات الكهرومغناطيسية تنتج تأثيرات مضادة للسرطان في المختبر، وقبل إجراء تلك التجربة، أجرى العلماء تجارب في مرحلة ما قبل السريرية باستخدام الجهاز الذي يولد مجالات مغناطيسية متذبذبة عن طريق مغناطيس دائم قوي مدمج بخوذة توضع على الرأس.
قال الباحثون الذين أشرفوا على هذه التجارب السريرية، إنه “بفضل شجاعة المريض وعائلته، تمكنا من اختبار والتحقق من الفعالية المحتملة لأول علاج غير جراحي للورم الأرومي الدبقي في العالم”، مؤكدين أن موافقة الأسرة السخية على السماح بتشريح الجثة بعد وفاة المريض المفاجئة “قدمت مساهمة لا تقدر بثمن لتطوير هذا العلاج الفعال المحتمل”، هذا بحسب ما نشر في جريدة الشرق الإماراتية.
يذكر أن المريض أصيب بالسرطان لأول مرة في مايو 2018، إذ وثقت دراسات التصوير وجود ورم كبير في الفص الجبهي الأيسر يمتد عبر خط الوسط إلى الفص الجبهي الأيمن، مع تسلل منتشر وواسع عبر الجسم الثفني، وأجرى في 4 يونيو 2018 جراحة لاستئصال الورم بشكل جذري، إذ امتد الاستئصال عبر خط الوسط إلى الفص الجبهي الأيمن. ثم تلقى العلاج الإشعاعي المصاحب والعلاج الكيميائي باستخدام عقار يُسمى “تيموزولوميد“.
وفي يناير من العام الماضي، عانى المريض من عودة الورم وقرر الأطباء استخدام بروتوكولات العلاج التقليدية، إلا أن النتائج جاءت مخيبة للآمال، فقام الباحثون بعرض تقنية العلاج بالموجات المغناطيسية عليه، فوافق المريض وقرر الخضوع لتلك الطريقة، وخضع المريض لتطبيق متقطع لمجال مغناطيسي متذبذب لمدة ساعتين لأول مرة تحت إشراف الأطباء في المستشفى، وتم تقديم الجلسات اللاحقة في المنزل بمساعدة زوجة المريض، مع زيادة أوقات العلاج لست ساعات فقط كحد أقصى يومياً.
وخلال الأسابيع الخمسة التي قضاها المريض في العلاج، تقلصت كتلة الورم وحجمه بمقدار الثلث تقريباً، في حين عزا الباحثون ذلك لـ”ارتباطه بجرعة العلاج“.