أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، عن تقديره لجمهورية مصر العربية على جهودها الكبيرة لعقد مؤتمر منظمة العمل العربي وتوفير الظروف المناسبة لذلك، وذلك بعد تعذر انعقاده في العام الماضي لظروف جائحة كورونا، معربا عن أمله أن تنجلي تلك الجائحة قريبا.
وشدد أبو الغيط، في كلمته أمام المؤتمر، على ان الجائحة تركت تداعيات صعبة على الاقتصادات العربية، رغم الجهود الكبيرة التي بذلتها الحكومات العربية لمجابهة الأزمة، مشيرا إلى التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2020 الصادر عن جامعة الدول العربية، والذى يقدم مؤشرات أولية عن خسائر الأزمة، إذ تراجعت أرقام التشغيل والإنتاج بشكل كبير، وتدهورت مؤشرات الفقر متعدد الأبعاد، وبلغ العجز في الموازنات مستويات تبعث على الانزعاج.
وأضاف الأمين العام أن أزمة كورونا الصحية، وما فرضته من تبعات اقتصادية واجتماعية واسعة، تعد نموذجاً على نمط الاضطرابات والأزمات المفاجئة التي يُنتظر أن تواجه العالم في المستقبل، حيث يقتضي الأمر تعزيز قدرة الاقتصادات على التكيف مع مثل هذه الاضطرابات والصدمات، وزيادة كفاءة الحكومات في إدارة الأزمات وقدرتها على الصمود، والاستجابة والتعافي السريع.
وأوضح أبو الغيط ان الجائحة كان لها تاثيرات عميقة على اسواق العمل ومستويات التشغيل، مما ساهم في تفاقم البطالة، خاضة بين الشباب، بينما كان التأثير كبيرا على المؤسسات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر التي لا تملك مؤهلات الصمود والتكيف مع الصدمات.
وأشار أبو الغيط إلى الأهمية الكبيرة التي ينطوي عليها دعم قطاع ريادة الأعمال والمشروعات الصغيرة، وذلك لأن هذا القطاع على نحو خاص، يوفر مجالاً مهماً للتوظيف، خاصة بين الشباب، كما أنه يُعد المولّد الأكبر لطاقات الإبداع والابتكار التي تشتدّ الحاجة إليها في اقتصاداتنا العربية.
وأشار الأمين العام إلى التحولات التكنولوجية التي تمثل نوعاً آخر من الصدمات التي يتعين الاستعداد لها والتفاعل معها، فالثورة التكنولوجية، خاصة في مجالات الميْكنة والذكاء الاصطناعي، وبرغم ما توفره من فرص كبيرة لرفع الإنتاجية إلا أنها تطرح أيضاً معضلات عدة حول طبيعة العمل، والمهارات اللازمة للمستقبل، ومدى توفر فرص العمل، فضلاً عن القضايا المتعلقة بالأجور.
واستطرد أن جائحة كورونا سوف تسهم في تسريع وتيرة هذه التطورات المستقبلية، في ضوء ما أفضت إليه الجائحة من تحولات في بيئة العمل بما في ذلك انتشار نموذج العمل عن بعد، وغير ذلك من التحولات التي تدخل في باب الانتقال من نماذج تقليدية في العمل إلى أخرى إبداعية.
ودعا أبو الغيط إلى النظر في هذه القضايا وانعكاساتها على التشغيل والتوظيف ليس باعتبارها اتجاهات مستقبلية، وإنما بوصفها واقعاً صار يتشكل أمامنا، وحاضراً يوشك أن يطرق الأبواب في مجتمعاتنا،موضحا انه ينبغي علينا الذهاب إلى المستقبل، وليس انتظاره لكي يداهمنا.
وأضاف أن “الثورة التكنولوجية التي نعيشها ستؤدي إلى تغير عادات واندثار وظائف واستحداث أخرى جديدة، ونحتاج إلى وضع خطط استشرافية وسياسات محكمة تهتم بتطوير التعليم والتعليم المهني والتدريب، كما تهتم أيضاً بتطوير التشريعات المتعلقة بالعمل والحماية الاجتماعية.”
واوضح أن الجامعة العربية اتجهت نحو معالجة الأمر بشكل أساسي وجعله محوراً لأعمالها، بالإضافة إلى موضوعات ريادة الأعمال والتنمية المستدامة.
وفي هذا الصدد، شدد الأمين العام على ضرورة استغلال كل الجهود الدولية لإعادة بعث مسارات التنمية المستدامة في بلداننا وتنفيذ خطط تأخذ في عين الاعتبار مواضيع التغير المناخي وتأثيراته على ظروف العمل.
واختتم كلمته بالتأكيد على ضرورة استكمال مسار الاندماج الاقتصادي العربي لما له من أهمية في القضاء على البطالة واستغلال الموارد العربية بشكل أفضل وبأيادي عربية وكذا سد الفجوة التنموية بين الدول العربية، موضحا أن جامعة الدول العربية جاهدة لاستكمال وضع منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى التي دخلت حيز النفاذ، كما تعمل أيضاً على الانتهاء من وضع العديد من الاتفاقيات العربية التي من شأنها تسهيل حركة الأيادي العاملة ورؤوس الأموال داخل الوطن العربي ومنها على سبيل الذكر تحديث اتفاقية الاستثمار العربية، واتفاقات النقل بين الدول العربية.
ودعا الأمين العام منظمة العمل العربية وشركاءها من أطراف العمل الثلاثة إلى العمل على توحيد تشريعات العمل وتحديثها بما يتناسب مع التطورات الحاصلة و بما يساهم في اندماج أسواق العمل العربية.