حالة من التوتر يعيشها العالم بالتزامن مع تسريبات بشأن نشوب حرب عالمية ثالثة، وذلك في ظل الصراع الدائر بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين على تزعم العالم والحرب الاقتصادية والعسكرية الباردة بينهما، حيث ألتقي زعماء الدولتين الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الصيني شي جين بينغ، الاثنين، في أول قمة بين الجانبين.
تجربة صاروخية خطيرة
ومن جانبه قال الجنرال جون هيتن، نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، إن البنتاجون قلق للغاية بشأن تجربة صاروخ تفوق سرعة الصوت أجرته الصين مؤخرًا، ووصفه بأنه الخطوة الأولى في “صدام نووي محتمل“.
وتابع هيتن في تصريحات صحفية، “لماذا يبنون كل هذه القدرة؟، إنهم يبدون وكأنهم سلاح يستخدم لأول مرة، هذا ما تبدو لي تلك الأسلحة”.
ووصف هيتن الصاروخ الصيني بأنه “مثير للقلق” من منظور تكنولوجي، وقال إنه كان مختلفًا عن تجربة روسيا، لأن ذلك خلق إحساسًا بالإلحاح في الولايات المتحدة، في حين أن اختبار 27 يوليو لم يفعل ذلك.
ووصف رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي الاختبار الصيني بأنه “قريب جدًا” من الاختبار الذي اجرته روسيا، في إشارة إلى إطلاق الاتحاد السوفيتي لأول قمر صناعي مداري في عام 1957.
مركبة فضائية وليست صاروخا
وعلى الجانب الآخر نفت بكين تقارير وسائل الإعلام الغربية عن تجربة صاروخ تفوق سرعتها سرعة الصوت، وقالت وزارة الخارجية إنها كانت “مركبة فضائية“.
وفي دعم لهذه الأقوال، قال رئيس تحرير صحيفة جلوبال تايمز، إن الصين ليست مهتمة بسباق تسلح نووي “غبي” مع الولايات المتحدة.
الحد من سباق التسلح
ونفس السياق أعلن مجلس الأمن القومي الأمريكي، اليوم الأربعاء، أن واشنطن لا تجري محادثات رسمية مع الصين للحد من التسلح، موضحا أن البلدين يهدفان لإجراء نقاشات في هذا الشأن.
وكان مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، قد أعلن يوم الثلاثاء أن الرئيس الأمريكي جو بايدن والزعيم الصيني شي جين بينغ اتفقا على “التطلع إلى المضي قدما في المناقشات بشأن الاستقرار الاستراتيجي“.
وعقب تصريحات جيك سوليفان، أصدر مجلس الأمن القومي بيانا يحذر من “المبالغة” في أهمية هذه المحادثات.
وأكد مستشار الأمن القومي أن المحادثات لم تكن على نفس مستوى المفاوضات التي شاركت فيها الولايات المتحدة وروسيا لعقود.
اللقاء الأول
وفي هذا الصدد قال الدكتور طارق البرديسي، خبير العلاقات الدولية، إن اللقاء بين الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الصيني شي جين بينغ هو اللقاء الأول لهما بعد تولي الرئيس جو بايدن مقاليد الحكم في الولايات المتحدة.
وأضاف البرديسي في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن أهمية اللقاء تأتي من قوة الدولتين وتنافسهم على رئاسة في العالم، خاصة مع تنامي النفوذ الصيني وتعزيز قوتها الاقتصادية والعسكرية بشكل كبير في السنوات الأخيرة.
تخفيف التوتر
وتابع: “في ظل التصعيد والتوتر في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين منذ فترة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حتى الآن برئاسة جو بايدن، يأتي اللقاء المنتظر بينه وبين الرئيس الرئيس الصيني في أمل لتخفيف حدة التوتر القائم بين الدولتين“.
الصراع السياسي والاقتصادي
وعن الصراع الاقتصادي القائم بين الولايات المتحدة والصين، أوضح الخبير في العلاقات الدولية أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يختلف عن الرئيس السابق دونالد ترامب في أنه يؤمن بالتجارة الحرة والنظام العالمي في تداول السلع والخدمات بما لا يضر بالمصالح الأمريكية.
وبالنسبة للناحية السياسية، لفت البرديسي إلى أن الخلاف بين الولايات المتحدة والصين لن يرتقي إلي الحرب بل هي مناوشات كلامية وتراشق بالتصريحات في المجال السياسي والاقتصادي والتجاري فقط.
مستقبل العلاقات
ومن جانبه قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، وخبير العلاقات الدولية، إن العلاقات الأمريكية الصينية بعد لقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الصيني جي شين، في القمة الافتراضية، ستدخل مرحلة جديدة من استئناف سياسة الاتصالات المباشرة بعد فترة من المواجهات الدبلوماسية، والإستراتيجية غير المباشرة خاصة مع وجود موضوعات قابلة للتفجير في مسار العلاقات بين الجانبين منذ إدارة الرئيس الأمريكي السابق ترامب.
الحرب التجارية مستمرة
وأضاف فهمي، أن الرئيس الأمريكي جو بايدن اتبع نفس السياسات السابقة مع الفارق في تبني مسارا أحاديا بهدف تطويع السياسة الصينية، وفي إطار التحرك الجماعي في منطقة جنوب شرق آسيا ومناطق أخرى تعتبر مركزا للنفوذ الصيني ليس في منطقة بحر الصين فقط ، وإنما أيضا مناطق التماس التي يتصارع عليها الجانبان إضافة لروسيا بكل تحركاتها الأخيرة في مناطق الصراعات الإقليمية والدولية
وأكد فهمي أن الحرب التجارية المندلعة منذ إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ستظل قائمة بين الجانبين ومستمرة، حتى وإن جرت بعض التفاهمات المبدئية لتخفيف بعض الضغوطات على الموقف الصيني حيث شهدت الفترة الأخيرة صراع نفوذ، بين الولايات المتحدة والصين، في ملفات عدة كان أحدثها تايوان والمحيط الهادئ، و منشأ فيروس كورونا ، وكذلك تدشين أمريكا تحالفات أمنية واقتصادية تعاملت معها الساسة الصينيين على أنها تستهدف حصارها، مما زاد المخاوف من أزمة وشيكة تؤثر على المنظومة الإقليمية والدولية معا.
لا رابح أو خاسر
وأوضح فهمي، أنه لا رابح أو خاسر من المعادلة الراهنة في العلاقات ولابد أن يربح الطرفان معا وفي نفس التوقيت عدم خسارة أي طرف ما يمكن أن يحدث ولعل هذا ما سوف يجري بدليل اتفاق واشنطن وبكين، لزيادة التعاون بينهما لعلاج آثار التغير المناخي، بما يشمل خفض الانبعاثات الحرارية، والتخلص التدريجي من استهلاك الفحم وحماية الغابات، وهو الأمر الذي قد يخفف من حدة المواجهات غير المباشرة الحالية بين البلدين.
واختتم قائلا: “ستظل هناك تلال من المشكلات بين الجانبين ، ولكن مع توافر الإرادة السياسية ربما يقترب الجانبين من نقطة توازن حقيقي يمكن البدء بها مع الإبقاء على المشكلات الهيكلية في إطارها، وعدم تصعيدها بصورة كبيرة تخوفا من الذهاب إلى سيناريو صفري“.