طبقا لموقع جلوبال فاير باور الأمريكي، المختص بتصنيف الجيوش، يحتل الجيش الاثيوبي المركز السابع من حيث القوة العسكرية في إفريقيا، والمركز الـ 66 عالميا طبقا لإحصائيات عام 2021، وبالتالي تراجعت قوته، حيث كان تصنيفه لعام 2020، في المركز الـ 59 عالميا.
كانت إثيوبيا هي شريك الولايات المتحدة الأول، في الحرب على الإرهاب في القرن الإفريقية، ومولت الولايات المتحدة الجيش الإثيوبي وزودته بالأسلحة، واعتمد عليه الاتحاد الافريقي في مهام حفظ السلام، ولكن بات الوضع الأن غير مستقر وأصبح الجيش هزيلا لا يقارن بما كان عليه في السابق، بعد عام من الحرب بينه وبين جبهة تحرير تيجراي، وأصبح لا يقوى على حماية إثيوبيا أو حتى العاصمة أديس أبابا رغم صموده لأكثر من أسبوعين أمام زحف الجبهة المتواصل، وسط مخاوف من اقتراب سقوط العاصمة في أي وقت.
خلال السطور التالية، يستعرض “صدى البلد”، كيف أصبح الجيش الإثيوبي هزيلا، بسبب سياسات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، وكيف حولت سياساته القوات العسكرية الإثيوبية من حالة حماية الأراضي الإثيوبية، إلى الإعتداء على أبناء ونساء الشعب وارتكاب جرائم الحرب.
بداية الانهيار
كانت بداية انهيار الجيش، عندما تولى رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد منصبه 2018، بعد احتجاجات كبيرة من أبناء الأورومو وأمهرة أكبر مجموعات عرقية في إثيوبيا ضد حكم جبهة تحرير تيجراي، وعندما أتى آبي أحمد قرر إقصاء الجبهة التي استمرت في الحكم 27 عاما، وهدم نظامها الفيدرالي الذي أقرته بأن الجماعات العرقية لها الحرية في إدارة أقاليمها الخاصة.
في هذا الوقت، أدركت الجبهة أن آبي أحمد الذي ينتمي لعرقية الأورومو يريد أن يحكم قبضته على البلاد، مما تسبب في خلاف كبير بينهما أدى في النهاية إلى اندلاع الحرب.
وبدأ آبي أحمد في السيطرة على الجيش، الذي يشكل أبناء التيجراي 18% من تعداده، وحوالي ضعف النسبة من الضباط.
انشقاق الجيش
كانت قرارات آبي أحمد بهدف طرد عناصر التيجراي، وحطت تلك التغييرات من معنويات الجيش، ولم يعد قوة متماسكة، كما لم يمتلك آبي أحمد الوقت الكافي لإعادة تشكيله وهيكلته قبل اندلاع الحرب، وتسببت قراراته في اهيار 10 فرق من أصل 20 فرقة يتكون منهم الجيش الإثيوبي.
بجانب ذلك الانهيار الكبير، انسحب أيضا قادة الجبهة الذين كانوا يعملون في الجيش، إلى إقليم تيجراي، لتعد تلك الخطوة بداية الحرب والصراع الذي اشتعل رسميا في نوفمبر عام 2020 عندما شن مقاتلو الجبهة هجوماً على قاعدة عسكرية فيدرالية بدعم من أنصارهم في الجيش بمن فيهم القادة والجنود الذين انشقوا بعد ذلك وانضموا إلى صفوف الجبهة.
التكتيكات العسكرية
أما على مستوى التكتيكات والحرب، قام مقاتلو الجبهة على مدار عام باستنزاف الجيش الإثيوبي، من خلال حرب العصابات في تيجراي وشن هجمات كر وفر، وبعد ذلك انتقلوا إلى مرحلة المواجهة المباشرة مع الجيش للإجهاز عليه، خاصة أن سياسات آبي احمد أدت إلى إضعاف الجيش وشل تفكيره لأن الضباط الذين انشقوا يعرفون كل كبيرة وصغيرة عن جيشهم السابق، والآن أصبح فريسة لهم.
كما أن تسليح مقاتلي الجبهة كان خفيفا، ما زاد من سرعة حركتهم وقدرتهم على القيام بالهجمات الخاطفة، بجانب العملية العسكرية الكبيرة للاستيلاء على المخزون الضخم من الأسلحة، لم تقف عند هذا الحد، بل قتلوا وأسروا الآلاف من الضباط والجنود رفيعي المستوى الذين قاوموا.
وأسفر الهجوم على القاعدة عن جعل إثيوبيا بلداً بلا جيش فيدرالي بالمعنى الحرفي للكلمة.
جرائم الحرب
دفعت تلك الهزيمة الجيش الإثيوبي بمساعدة من الجيش الإريتري، والقوات والميليشيات من منطقة أمهرة في تجاوز النكسة، وشن غارات جوية وهجمات برية نجحت في إزاحة الجبهة عن السلطة في تيجراي في أقل من شهر.
وارتكبت هذه القوات فظائع على نطاق واسع ضد المدنيين بما في ذلك الاغتصاب والقتل وحرق المحاصيل مما دفع أبناء التيجراي من جميع شرائح المجتمع إلى الانضمام إلى جبهة تحرير شعب تيجراي من أجل صون كرامتهم، وتحولت الحرب إلى حرب بين أهالي تيجراي والجيش وليست مجرد حرب بين الجيش والجبهة.