البيئة ومفهومها الحقيقي هي الدعامة الأولى التي قامت عليها العديد من الحضارات الإنسانية، وعلى رأسها الحضارة الفرعونية القديمة، فالمصرى القديم أدرك بالفطرة أهمية الحفاظ على عناصر البيئة المحيطة به، وأدرك أنها مصدر للحياة له، فحافظ عليها، وجعلها في قدس الأقداس في سلوكياته وتفاصيل حياته اليومية.
عرف المصري القديم مفهوم البيئة وماذا تعنى الموارد الطبيعية بكل عناصرها من مياه وشمس وتربة وبحر، وكان مفهوم التنوع البيولوجى يحمل كثيرا من التفاصيل عن العديد من الطيور والحيوانات وغيرها، التى وصل احترامها وتقديرها لتصبح العديد منها آلهة.
استطاع أيضا المصري القديم، أن يستثمر هذه الموارد الطبيعية، ويحافظ عليها، في نفس السياق الذى تسعى إليه دول العالم اليوم من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وحماية الموارد الطبيعية والاستخدام الأمثل لها، وتوظيفيها بما يخدم الأجيال القادمة، هذا هو مضمون التنمية الستدامة الذى كان يمارسها المصرى القديم في تفاصيل حياته اليومية.
منذ سبعة آلاف عام، اهتم المصريون القدماء بأسس حماية البيئة بكافة عناصرها من المياه والتربة والهواء، وحماية المواد الغذائية وحماية البيئة الداخلية والحفاظ علي الثروات الطبيعية.
فنرى المصرى القديم عبر الأساطير وجدران المعابد، والنيل له قدسية خاصة، وكان الحفاظ على مياه النيل من التلوث هو مهمة رجال الدين والقصر، ومن ضمن العقائد لدى المصريين القدماء حرمان من يلوث النهر للدخول للجنة وكانت هذه العبارة مدونة في إحدى البرديات في الأقصر، كما احتفى المصرى القديم بخصوبة التربة وحمايتها من الآفات الزراعية وحماية البيئة من التلوث.
أما في الدولة المصرية الحديثة، تم البناء على هذه المحاور الأساسية التي وضع نبتتها المصرى القديم، وتضمنتها البرديات والرسومات في المعابد، فكانت أول مدينة مستدامة في التاريخ وهى الأهرام، والزراعة المستدامة وتحويل المخلفات لمصدر للطاقة والتدفئة، وحماية النيل، مع التطور التكنولوجى التاريخ يعيد نفسه باستيراتيجية مصر 2030 لتحقيق التنمية المستدامة بكل جوانبها.