نفت الصين بشكل قاطع التقارير الإعلامية التي تحدثت عن استحواذها على مطار “عنتيبي”، المطار الدولي الوحيد في أوغندا لاستيفاء قروضها من الدولة الإفريقية.
وقالت سفارة الصين بأوغندا في بيان رسمي، إن “المزاعم الخبيثة” بأن أوغندا تنازلت عن مطارها الدولي بسبب فشلها في سداد قروض صينية “ليس لها أساس واقعي
وأوضحت: “المقصود من تلك الادعاءات تشويه العلاقات الجيدة التي تتمتع بها الصين مع الدول النامية ومن بينها أوغندا.. لم تصادر الصين مشروعًا واحدًا في إفريقيا بسبب فشل أي دولة في سداد القروض الصينية”.
وتابعت: “على العكس من ذلك، فإن الصين تدعم القارة بقوة وترغب في مواصلة جهودها لتحسين قدرة إفريقيا على التنمية المدفوعة بأجندات وطنية”.
كما نفى المتحدث باسم هيئة تنظيم الطيران الأوغندية والمدير العام الصيني للشؤون الأفريقية في تغريدات منفصلة أن يكون المُقرض الصيني قد استولى على المطار.
التشكيك في نوايا الصين
وكانت تقارير دولية نقلتها وسائل إعلام من بينها “دويتشه فيله” الألمانية، قد تحدثت عن تنازل أوغندا عن الحصانة الدولية للمطار في عقد الاقتراض من الصين.
وأضافت: “يعني هذا أن الصين يمكن أن تستولي على المطار دون حماية دولية”.
وقالت إن وزراء في الحكومة الأوغندية تعرضوا لانتقادات بسبب “اتفاق القرض الفاشل”، كما اعتذر وزير المالية ماتيا كاسايجا للبرلمان الأسبوع الماضي عن “سوء إدارة” القرض.
قصة قرض المطار
وفي بيانها، قالت الصين إن مشروع توسعة وتحديث مطار عنتيبي هو مشروع قرض تفضيلي قيمته 200 مليون دولار ممول من بنك التصدير والاستيراد الصيني China Exim Bank وتضمنه الدولة الأوغندية.
وتابعت: “وقع الطرفان اتفاقية القرض في مارس 2015 وبدأ البناء في مايو 2016”.
وأوضحت: “على الرغم من التأثير السلبي لوباء كورونا تمكنت شركة “تشاينا كوميونيكيشن كونستركشون” (مقاول المشروع) من الالتزام بالجدول الزمني للمشروع بدعم قوي وتضامن من الحكومة الأوغندية”.
وقالت: “تقدم المشروع بسلاسة وتم إنجاز 75.1٪ منه ومن المتوقع أن يتم الانتهاء منه تماما وتسليمه في ديسمبر 2022”.
وتابعت: “التعاون الصيني الأوغندي يلتزم دائما بمبادئ الانفتاح والشفافية والمساواة والمنفعة المتبادلة”.
وقالت: “يتم توقيع جميع اتفاقيات القروض بما في ذلك اتفاقية مشروع توسعة وتطوير مطار عنتيبي، طواعية من قبل الطرفين من خلال الحوار والتفاوض على قدم المساواة”.
وأضافت: “لا نضع أي شروط خفية أو شروط سياسية، وتتوافق شروط اتفاقية القرض الخاصة بمشروع توسعة وتطوير مطار عنتيبي بشكل كامل مع الاتفاقيات والممارسات السائدة في السوق المالية الدولية”.
الأوغنديون قلقون
ومع ذلك، كانت وسائل التواصل الاجتماعي في أوغندا ساحة صاخبة للحديث حول القرض الصيني والخطر الذي أصبح يحيط بالمطار الدولي الوحيد في البلاد.
وقال منتقدو اتفاقية القرض في أوغندا، إن بعض البنود الواردة فيه تعرض المطار والأصول الحكومية الأخرى لخطر الاستيلاء عليها من قبل الصين في حالة فشل أوغندا في السداد.
وأوضحوا أن الاتفاقية تمنح الجانب الصيني ميزة على المقترض وبالتالي يجب إعادة التفاوض بشأن تلك الميزة.
وفي المقابل، برر الصحفي الأوغندي ألاوي سيماندا في صحيفة “نيو فيجن” الأوغندية، تلك البنود قائلا إنها “معتادة وتقليدية في مثل هذه الاتفاقيات”.
وفي مقال شاركته السفارة الصينية على حسابها في تويتر، قال سيماندا إن مسألة شرط التخلف عن السداد “ليست جديدة ولا ينبغي أن تكون أساسًا لانتقاد الاتقافية”.
وبرر سيماندا ذلك بأن المشروع يحتاج تمويلات ضخمة وتزداد فيه المخاطرة، وبالتالي كان طبيعيا وضع بنود التخلف عن السداد التي تستهدف حماية أمول الدائنين.
ويرى سيماندا أن الصين لن تستغل هذه البنود، واستشهد ببند آخر في العقد يتعهد فيه الطرفين “ببذل قصارى جهدهما لحل أي نزاع ينشأ عن الاتفاقية من خلال المشاورات والتفاهم المتبادل”.
كما برر سيماندا ترحيبه بالقرض الصيني رغم شروطه، بأن تمويلات المؤسسات الدولية الغربية صارت تذهب إلى “الإدارة” و”الديمقراطية” وتتجنب مشاريع البنى التحتية ثقيلة التمويل، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى النوع الأخير من التمويلات لشحذ إمكاناتها.
وقال إن “البنود الافتراضية” للتخلف عن السداد لا يستخدمها الدائنون الصينيون فحسب، بل يتم تبنيها أيضًا من قبل بعض دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
دخان بلا نار؟
ومع ذلك، تسعى أوغندا بالفعل لتعديل اتفاقية القرض لضمان ألا تفقد السيطرة على المطار الدولي الوحيد في البلاد، وفقا لما نقلته “بلومبرج” عن “المونيتور”.
ومن بين البنود التي تريد الحكومة تغييرها، حاجة هيئة الطيران المدني الأوغندية للحصول على موافقة من المقرض الصيني لميزانيتها وخططها الاستراتيجية.
وذكرت الصحيفة أن بندا آخر تسعى أوغندا لتغييره وينص على أن أي نزاع بين الطرفين يجب أن تحله لجنة التحكيم الاقتصادي والتجاري الدولية الصينية.
عانينا من الاستغلال والتاريخ لن يعيد نفسه
وفي بيانها، قالت السفارة الصينية، إن الصين كانت من بين داعمي خطوة تخفيف عبء ديون البلدان الأفريقية، وتنفذ بنشاط مبادرة مجموعة العشرين لتعليق خدمة الديون في البلدان الأكثر فقراً.
وقالت: “مثل البلدان الإفريقية، مرت الصين بتجربة مؤلمة سيطرت فيها الدول الأجنبية على شرايين حياتنا الاقتصادية، وعانينا من المعاملة غير العادلة والاستغلال والقمع”.
وتابعت: “لذلك، ومن أجل المساعدة أو التعاون مع إفريقيا، لن تسمح الصين أبدًا للتاريخ بأن يعيد نفسه، ناهيك عن فرضه على الآخرين”.
وقالت: “تحترم الصين إفريقيا دائمًا وتساعدها وتسعى لتحقيق المصالح المشتركة معها، وتضع الصداقة في المقام الأول”.