أثارت الأزمة بين روسيا وأوكرانيا مخاوف المصريين على مستقبل السلع الغذائية التي تستوردها مصر من الدولتين وعلى رأسها القمح، حيث تعتمد مصر على استيراد القمح من روسيا وأوكرانيا، لتغطية الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، ويمثل الإنتاج في مصر 45% من استهلاك الاقماح، لذلك تعتبر الدولتين أكبر سوق تعتمد عليه مصر في استيراد الاقماح خاصة وانه الارخص مقارنة بالدول الاخرى.
وأكد تقرير صادر عن وزارة الزراعة واستصلاح الاراضي، أن المساحة المزروعة بالقمح في مصر بلغت 3.6 مليون فدان، وذلك للمرة الاولي في تاريخنا، بما ينتج 9.5 إلى 10 ملايين طن هذا الموسم، ويرفع الاكتفاء الذاتي للبلاد من القمح إلى 62%، مشيرا إلى أن موسم زراعة القمح يبدأ في منتصف نوفمبر حتى نهاية يناير، في حين يبدأ موسم الحصاد من منتصف أبريل حتى منتصف يوليو.
وأضاف التقرير، أن مساحة الرقعة الزراعية في مصر تبلغ 9.7 مليون فدان، بمساحة محصولية 17.5 مليون فدان، حيث تستهدف وزارة الزراعة زيادة الرقعة الزراعية بنحو 3 إلى 3.5 مليون فدان، عبر مشروعات التوسع الأفقي، مثل الدلتا الجديدة وتوشكي وتنمية شمال ووسط سيناء، حيث نسعى لزيادة المساحة الزراعية، ولا سيما للقمح والذرة لتقليل الاستيراد من الخارج.
من جانبه، قال الدكتور إبراهيم عشماوي، نائب وزير التموين، إن احتياطي الأقماح في مصر يتخطى 4 شهور، فضلا على أنه سيبدأ موسم توريد القمح في شهر إبريل المقبل، موضحا أن مصر هى الدولة العاشرة في إنتاج الأقماح على مستوى العالم.
وأضاف أن إنتاج روسيا وأكرانيا من القمح يمثل نحو 15% من حجم الإنتاج العالمي من القمح، منوها بأن السوق المحلية المصرية ينتج نحو 10 ملايين طن من القمح، حيث يغطي إنتاجنا نحو 45% من حجم استهلاكنا.
ولفت إلى أن مصر قادرة على تأمين احتياجاتها من أكثر من دولة مثل فرنسا ورومانيا وألمانيا وغيرهم، موضحا أن تكلفة استيراد مصر للقمح من دول أخرى من هذه الدول يقارب كثيرا تكلفة الاستيراد من أوكرانيا، حيث نشتري وفقا لأسعار البورصات العالمية.
فيما قال حسين عبدالرحمن ابوصدام نقيب عام الفلاحين إن الأزمة بين روسيا واوكرانيا لن تؤثر علي وفرة الاقماح في مصر علي المدي القريب رغم انهما اكبر مصدري الاقماح لمصر، حيث ان مصر تملك مخزون استراتيجي من الاقماح مع الانتاج المتوقع خلال شهر ابريل المقبل يكفي احتياجاتنا لنهاية عام 2022.
واضاف ابو صدام، ان مصر تزرع هذا الموسم نحو3.6 مليون فدان تصل انتاجيتهم لنحو 9 ملايين طن وسيتم حصادهم في شهر ابريل المقبل وتكفي هذه الكمية احتياجاتنا لمدة 6 شهور بالإضافة الي مخزون استراتيجي بالصوامع المصري يكفي لمدة 5 شهور قادمة.
وأشار نقيب الفلاحين، الى انه رغم ان القمح الروسي والاوكراني هو الأرخص ويوفر علي ميزانية الدولة ملايين الدولارات، إلا أن مصر لا تكتفي بهم ولديها العديد من الاسواق الاخري في حالة استمرار الأزمة بين روسيا واوكرانيا، فمصر تستورد الاقماح من أمريكا وفرنسا ورومانيا ويمكنها الاستيراد من العديد من الدول الاخري.
وأوضح أبو صدام، أن توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي الثاقبة كان لها الفضل في الأمن الغذائي المتوفر حاليا بمصر ويساهم بشكل كبير في الحد من الآثار السلبية للأزمات العالمية سواء مناخية او اقتصادية أو سياسية أو أي أزمات أخرى، حيث زادت المساحات المنزرعة من الأقماح أفقيا فوصلت إلى 3.6مليون فدان لأول مره كما زاد متوسط انتاجية الفدان بفضل زراعة أصناف ذات انتاجيه عالية ومقاومة للامراض لتصل لنحو 20 أردب للفدان بدلا من18 أردب في السابق وتغيير لطرق الزراعة والري كما تم انشاء صوامع حديثة لتخزين الاقماح توفر نحو15% من الفاقد الذي كان يفقد في التخزين بالشون القديمة.
وكان الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، عقد اجتماعا؛ لمناقشة التداعيات الاقتصادية للأزمة الروسية الأوكرانية على مصر، وذلك بحضور المهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، والدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار، والدكتور علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، والدكتور محمد معيط، وزير المالية، والسيدة نيفين جامع، وزيرة التجارة والصناعة، والسفير إيهاب نصر، مساعد وزير الخارجية للشئون الأوروبية، ومسئولي الجهات المعنية.
وفي مستهل الاجتماع، أشار رئيس الوزراء إلى أن الحكومة المصرية تتابع عن كثب تطورات الأزمة الروسية الأوكرانية، ونطاق تداعياتها على الصعيد العالمي، سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي، أن مثل هذه الأحداث يكون لها تأثير واضح على أسعار عدد من السلع الأساسية على مستوى العالم. وفي هذا السياق، فإننا منذ بدء الأزمة عكفنا على دراسة مدى تأثيرها المحتمل على عدد من السلع وعلى رأسها القمح.
وتابع: لدينا احتياطي كاف من القمح لمدة تزيد على 4 أشهر، وننتظر بدء الموسم الجديد لتوريد القمح المحلى خلال شهر أبريل المقبل.
وأكد رئيس الوزراء أن الحكومة لديها حلول لتوفير القمح في حالة تأزم الموقف عبر تنويع مصادر توريده من عدد من الدول، وهو ما يتم بالفعل.
وفي سياق متصل، تم خلال الاجتماع مناقشة موقف جميع السلع التي يتم استيرادها من روسيا وأوكرانيا.
كما عرض وزير التموين مستويات أسعار السلع المختلفة عالميا، وخطط الوزارة لتوفير مخزون استراتيجي من هذه السلع.
واستعرض الاجتماع أيضا التداعيات المحتملة للأزمة على أسعار البترول، خاصة في ظل صعود أسعاره نتيجة للظروف الاقتصادية التي يمر بها العالم في مرحلة التعافي من تداعيات فيروس “كورونا“.
كما تطرق الاجتماع إلى تأثير الأزمة الروسية الأوكرانية على قطاع السياحة، وفي هذا الإطار تمت الإشارة إلى أن الحكومة ستبذل جهدا أكبر في البحث عن أسواق بديلة للسياحة، حال تطور الأحداث بشكل سلبى.
من جانبه، عرض السفير إيهاب نصر، مساعد وزير الخارجية للشئون الأوروبية، الموقف السياسي للأزمة، والسيناريوهات المتوقعة خلال الفترة المقبلة.