كانت الحرب على الجبهة، وكان القطاع العام فى حرب إنتاج داخلية أهلته لتوفير احتياجات المعركة واحتياجات الشعب المصرى وقتها، بل والتصدير للخارج لتوفير العملة الصعبة، وكان عدد السكان وقتها 34 مليون مواطن فقط فى أكتوبر 1973 .
كانت بيجامات المحلة المقلمة أزرق وبنى فى كل بيت وثلاجات إيديال وسخانات المصانع ومنتجات قها عبر منافذ صيدناوى وبنزايون وعمر أفندى وهانو وبيع المصنوعات.
وقت الحرب لم يتغيب عامل عن شركته أو مصنعه، لم يحصل عامل على إجازة عيد الفطر، الكل كان فى معركته الداخلية تزامناً مع معركة الانتصار.
حيث لعبت شركات القطاع العام وهيئة السلع التموينية دوراً كبيراً فى تأمين احتياجات البلاد، من السلع الغذائية وتوفير مخزون استراتيجى من الأقماح يكفى لأكثر من 6 أشهر، وقت حرب أكتوبر المجيدة، ووفرت شركة قها، التابعة للقابضة للصناعات الغذائية، الأغذية المحفوظة للقوات المسلحة أثناء حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر 1973، كما ساهمت فى توفير المنتجات للمواطنين بالأسواق بأسعار مناسبة، بالإضافة إلى تصدير منتجاتها لـ32 دولة، فى أفريقيا وأوربا وأمريكا، فضلا عن تصدير 25% من منتجاتها للسعودية واليمن وبعض دول الخليج.
الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية، يقول إن القطاع العام تقريباً كان يحارب فى الداخل والجيش يحارب على الجبهة، وكانت شركة المحلة توفر جميع الملابس، خاصة المقلم الأزرق والمقلم البنى، وكانت تصدر لأمريكا، وكانت شركات الغزل والنسيج متميزة جداً مثل الشوربجى والمحلة وشبين الكوم وغيرها .
الشركات توفر الكساء
وأضاف “عبده”، أن أساس الشركات كان توفير الكساء، بغض النظر عن الربح، ومع ذلك كانت شركات قها وأدفينا توفر العصائر والمعلبات بأسعار 7 قروش للعبوة، نظراً لضعف الرواتب وقتها، وكانت بدلة المحلة تباع بـ12 جنيها والبدلة التشيكى بـ17 جنيها والقميص بـ3 جنيهات، مشيراً إلى أن شركات الأدوية والصلب والسيارات تقريباً كانت مسخر لخدمة الشعب، بالإضافة إلى التصدير لتوفير العملة الصعبة، وقتها كان الدولار بـ84 قرشا، وكانت السيارة نصر بـ3800 جنيه والسيارة بـ2800 جنيه وكله بالحجز.
وأشار الدكتور رشاد عبده إلى أنه خلال عمله فى أحد بنوك أمريكا دخل أحد المتاجر لشراء ملابس كانت غالية الثمن فقال له البائع الأمريكى إنها صناعة مصرية، قائلا، “وقتها كنت فخورا بصناعة بلدى التى تدهورت حالياً رغم تعيين وزير مختص لقطاع الأعمال العام“.
وأضاف “عبده”، كانت الصناعة المصرية فخرا للعالم، ثلاجات إيديال وسخان المصانع، وإطارات نسر، أما الآن فتدهورت بشكل كبير، رغم الانفتاح الاقتصادى، متسائلاً، أين ذهبت باتا وسافو وغيرها من المنتجات؟.
وأشار “عبده” إلى أن القطاع العام كان متاخماً بالعاملين، لأن أيام عبد الناصر كان كل خريج يصله الخطاب الأزرق للتعيين فى أى شركة أو مؤسسة، وبالتالى كان العمال والموظفون أعدادهم كبيرة للغاية، لأن الهدف كان القضاء على البطالة وإتاحة الفرصة للشباب للمعيشة .
وأكد رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية أن القطاع العام نجح فى تأمين الجبهة الداخلية وتحمل أعباء كبيرة، ظهر بعد ذلك من خلال مديونية بلغت نحو 33 مليار جنيه، تم تسويتها فيما بعد من خلال بيع الأراضى ودخول البنوك كشركاء.