يعتبر مصنع الرمال السوداء بكفر الشيخ، هو الأحدث من نوعه على مستوى العالم باستخدام تكنولوجيا التعدين المتطورة، ويعتبر إضافة جديدة لسلسلة المشروعات القومية الكبرى التي تهدف الى تعظيم الاستفادة والاستغلال الأمثل لموارد مصر الطبيعية، وتحقيق القيمة المضافة للمعادن المستخلصة من الرمال السوداء، التي تستخدم في العديد من الصناعات الدقيقة مما يفتح الآفاق لاستثمارات جديدة تدعم الاقتصاد الوطني وعملية التنمية الشاملة.
وتحتوي الرمال السوداء، على نسبة عالية من المعادن الثقيلة تكتسب أهمية اقتصادية حيث تدخل في صناعات استراتيجية مهمة، وأطلق عليها هذا الاسم لاحتوائها على نسبة عالية من معادن الحديد ذات اللون القاتم الأسود مثل الإلمنيت والماجنتيت.
معادن الرمال
من أبرز المعادن الموجودة في الرمال السوداء معادن الإلمنيت، الزركون، الماجنتيت، الروتيل، الجارنت بالإضافة إلى المونازيت والذي يحتوي على مواد مشعة، وتعمل الدول على استخلاص تلك المعادن من الرمال السوداء لاستغلالها اقتصاديا وفي الوقت نفسه تطهير الشواطئ من المواد المشعة الضارة بالبيئة.
أين توجد؟
تتواجد رواسب الرمال السوداء في مصر بكميات اقتصادية كبيرة على سواحل البحر الأبيض المتوسط وتنتشر بطول الساحل من أبي قير بالإسكندرية وحتى رفح بطول حوالي 400 كم، كما تتواجد في مناطق أخرى في جنوب منطقة برنيس وبحيرة ناصر.
تمتلك مصر، 11 موقعا غنيا بالرمال السوداء، ويتم فصل تلك الرمال في أماكنها بأجهزة خاصة، وتتحول بعدها لمنتجات استراتيجية و41 صناعة مهمة، وفق بيانات حكومية مصرية.
احتياطي الرمال السوداء
وتشير التقديرات إلى أن الاحتياطي الجيولوجي من الرمال السوداء في مصر يصل إلى نحو 1.3 مليار متر3 تنتشر في مناطق رشيد في البحيرة ودمياط وبلطيم في البرلس بكفر الشيخ والعريش في شمال سيناء، فيما يصل متوسط تركيز المعادن الثقيلة فيها حوالي 65%، ليعد بذلك أكبر احتياطي على مستوى العالم.
وتحتوي الرمال السوداء في مصر على حوالي ثمانية أنواع من المعادن الثقيلة تتراوح نسبتها في تكوين هذه الرمال ما بين 1- 8%، وتصل إلى أكثر من 80% في منطقة البرلس في محافظة كفر الشيخ وهو أعلى تركيز لهذه المعادن في الرمال السوداء.
منذ نحو 90 عاما بدأت مصر في استغلال الرمال السوداء، وكان ذلك في أواخر الثلاثينيات من القرن الماضي على يد مجموعة من الأشخاص اليونانيين، لكن فصل معادنها كان يجري بطريقة بدائية، ثم في الأربعينيات أنشئت شركة الرمال السوداء المصرية ومقرها الإسكندرية واستمرت في العمل حتى تأميمها في 1961 وتعثرت فيما بعد وتوقفت الشركة.
وطوال السنوات الماضية استمرت محاولات استغلال الرمال السوداء في مصر وتحديدا في منطقة البرلس التي تمتلك أكبر تركيز للمعادن الاقتصادية، لكن غياب الإرادة السياسية للتنفيذ أحالت دون إتمام إنشاء مصنع الرمال السوداء في كفر الشيخ بعد أن وضع حجر الأساس له في التسعينيات من القرن الماضي.
وبعد تولي الرئيس السيسي أعاد الاهتمام بهذا الملف حيث تأسست أول شركة مصرية للتعدين وهي الشركة الوطنية للرمال السوداء بالبرلس بالمدينة كفر الشيخ، والتي أشهرت في فبراير 2016، وبعدها وافقت الهيئة العامة للتنمية الصناعية على تنفيذ مشروع استخلاص المعادن الثقيلة من الرمال السوداء بمحافظة كفر الشيخ.
مشروع الرمال السوداء
نفذت الدولة مشروع الرمال السوداء في مصر، على مساحة 80 فدانًا، حيث يضم مجمع الرمال السوداء الجديد في البرلس 6 مصانع لفصل المعادن من ركاز الرمال السوداء.
بدأت المرحلة الأولى للتعدين من كثبان البرلس الممتدة على الشريط الساحلي بطول 16 كيلومترًا بإجمالي 3500 فدان، وذلك باستخدام الكراكة “تحيا مصر” هولندية الصنع.
أول كراكة
الكراكة تحيا مصر أول كراكة تعمل بالطاقة الكهربائية وصديقة للبيئة وتقوم بدفع المياه في اتجاه الكثبان الرملية فتنساب إلى قاع البحيرة الصناعية، بالإضافة إلى أعمال تكريك بعمق يصل إلى 18 مترًا لتسحب الماء المختلط بالرمال إلى المضخة الرئيسية بالكراكة ليعاد ضخها مجددًا إلى مصنع التركيز العائم داخل البحيرة مرورًا بخطوط الأنابيب.
وأسهم في توفير أكثر من 5 آلاف فرصة عمل وبلغت تكلفته نحو 4 مليارات جنيه.
ويبلغ صافي الموارد القابلة للتنجيم في المشروع 238.5 مليون طن، حسبما أوضحت الشركة المصرية للرمال السوداء بمتوسط تركيز للمعادن الثقيلة يبلغ 3.39% تكفي للتشغيل لمدة حوالي 16 سنة بمعدل استغلال يبلغ 15 مليون طن/ سنة، وسيمثل إنتاج الشركة المتوقع حوالي 3-5% من الإنتاج العالمي.
استخدامات الرمال السوداء
تدخل مستخلصات الرمال السوداء في صناعة السيراميك وكذلك صناعة الخزف والدهانات، وأيضا صناعة هياكل الطائرات والسيارات، وكذلك الصناعات الإلكترونية والتكنولوجية المتنوعة.
وسيعمل مشروع مصنع الرمال السوداء في البرلس على إنتاج العديد من المعادن الاقتصادية الهامة والتي تدخل في العديد من الصناعات الاستراتيجية مثل معدني الالمانيت والروتيل وهما مصدر رئيسي لإنتاج معدن التيتانيوم، وهو معدن يدخل في الصناعات الاستراتيجية الهامة مثل صناعة هياكل الطائرات والصواريخ والغواصات ومركبات الفضاء والأجهزة التعويضية.
وسينتج المشروع ثاني أكسيد التيتانيوم وهو معدن يستخدم في تصيين الدهانات والأصباغ والورق والجلود والمستحضرات الطبية، وكذلك سينتج المشروع معدن الزيركون الذي يدخل في صناعة السيراميك والأدوات الصحية والزجاج والسبائك المواتير وتركيبات الأسنان وتبطين الأفران.
كما يدخل معدن الماجنتايت في صناعة الحديد الإسفنجي وحديد الزهر عالي الجودة والخرسانات التي تتحمل درجات الحرارة العالية والأسمدة المعدنية ويستخدم في إزالة ملوحة التربة.
ويدخل معدن الجرانيت في صناعة أحجار الخلج وأوراق الصنفرة وأيضا فلاتر المياه وقطع الرخام والجرانيت بضغط الهواء والمياه، كما يعد معدن الزيركون مصدرا رئيسيا للعناصر الأرضية النادرة والتي تستخدم في صناعة الرقائق الإلكترونية المستخدمة في الصناعات عالية التقنية، مثل الهواتف الذكية والسيارات التي تعمل بالكهرباء، ومصدرا ثانويا للسيريوم واليورانيوم.
ومن المتوقع أن تبلغ الطاقة الإنتاجية لمصنع “الإلمنيت” نحو 298 ألف طن في العام، ولمصنع “الزيركون” نحو 25 ألف طن في العام ولمصنع “الجارنت” نحو 12 ألف طن في العام، ولمصنع “الروتايل” نحو 11 ألف طن في العام ولمصنع “المونازيت” نحو 145 طنا في العام.