الجينوم البشري هو المادة الوراثية دي إن أيه “DNA” والتي تتواجد بداخل النواة في خلايا الكائنات الحية، و يوجد في خلايا الكائنات الحية سواء كانت حيوانية أم نباتية، بسيطة أو معقدة التركيب، وفي ضوء اهتمام القيادة السياسية، وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي، بمجالات البحث العلمي، والذي تتخذه كمنهج وسبيل لتحسين حياة وصحة المصريين، اطلع الرئيس عبدالفتاح السيسي، على دراسة إنشاء «المركز المصري للجينوم»، والذي يهدف إلى إعداد خريطة للجينوم البشري المصري، لاكتشاف والوقوف بدقة على الخصائص الوراثية للأمراض المختلفة.
وتعود أهمية الجينوم البشري للخلية، كما هو الحال في أهمية المخ لوظائف الجسد، فالمخ هو مكان التدبير حيث يقوم بالتنسيق والترابط بين الأعضاء المختلفة في الجسم مما يضمن استمرار عمل الجسم بشكل محكم ومنظم.، وبالمثل وللأهمية القصوى للجينوم فإن الله سبحانه وتعالى قد وضعه في مكان أمين للغاية وهي نواة الخلية Nucleus التي تتوسط الخلية ولا يخرج الـDNA منها أبداً، بل يرسل نيابةعنه mRNA الحمض النووي الريبوسي الرسول، لكي ينقل الرسائل المهمة للخلية والتي تترجم إلى بروتينات.
وعليه، فإن مشروع الخريطة الجينية المصرية، الذي بدأت فيه عدد من الدول الأوروبية والعربية، يمثل أهمية كبيرة وبالغة، لمستقبل الطب الدقيق والمتطور في مصر، حيث تعتمد خريطة الجينوم على تحليل عينات من الحمض النووي للمصريين باستخدام تقنيات متطورة، لتحديد الجينات المميزة لهم، مع فحص البيانات ومقارنتها بنظائرها الأفريقية والأوروبية، لإيجاد وإثبابت أن المصريين لديهم بعض الاختلافات في القواعد الوراثية، عن سكان وشعوب مناطق ودول أخرى.
والطب الدقيق، الذي يعد أحد أهم تطبيقات علم الجينات، يعتمد بشكل رئيسي على تقسيم المرضى وفقًا لخلفيتهم الجينية، بهدف إعداد بروتوكول علاجي خاص بكل مريض على حدة، وليس حبة دواء واحدة تصلح لكل المرضى كما يحدث الأن، ومن دون معرفة الجينات الموجودة لدى المصريين لن نتمكن من تحقيق ذلك.
والتركيبة الجينية تختلف بين ا لبشرمن مكان لأخر، وهي تحدد مدى قابلية الشخص للإصابة بالأمراض المختلفة، ومدى الاستجابة للعلاج؛ فالدواء الواحد قد لا يتناسب معك بالقدر الذى يتناسب به مع آخرين، بمعنى آخر قد يسبب لك الدواء آثارًا جانبيةً خطيرة، بينما لا يُحدث ذلك لآخرين، وذلك يرجع إلى عوامل مثل العمر وأسلوب الحياة والحالة الصحية، وقبل ذلك كله إلى الجينات البشرية.
ويطمح العلماء المصريون، ومن خلال إنشاء «المركز المصري للجينوم»، يمكن إلى اكتشاف الأمراض ذات الأصل الوراثي، وتصميم علاجات دقيقة لها، بناءً على التركيبة الجينية الخاصة بالمرض.
بلا شك أن اهتمام الدولة المصرية، بإنشاء «المركز المصري للجينوم»، يعكس حرص الدولة والقيادة السياسية على صحة المواطن المصري، ومواكبة أحدث طرق البحث في العلوم الطبية المتطورة، وعلى راسها الطب الدقيق، الذي يعد أحد أهم فروع طب المستقبل.
وأشار وزير التعليم العالي الدكتور حسام عبدالغفار ، في تصريحات صحفية إلى أن برنامج الجينوم المصري، هو أكبر برنامج بحثي تتبناه الوزارة في تاريخها ممثلة في أكاديمية البحث العلمي، موضحا أن مجلس الأكاديمية وافق في أكتوبر الماضي على تنفيذ مشروع الجينوم المرجعي للمصريين ،ضمن الخطة التنفيذية للأكاديمية عن العام المالي ٢٠٢٠-٢٠٢١.
وأضاف أنه في نوفمبر الماضي عقد الاجتماع الأول لمجلس برنامج الجينوم المصري بأكاديمية البحث العلمي ،وتمت الموافقة على خطة البرنامج المطروحة من قبل الأكاديمية، وتوفير كل الدعم المادي والفني اللازم للبدء في التنفيذ فورا، وأن وضع خريطة جينية للأمراض في مصر سيساهم في وضع عادات غذائية وصحية للوقاية من الأمراض ،وهو ما سوف ينعكس على تكلفة وجودة الرعاية الصحية، كما يفتح الباب إلى تطبيق العلاج الجيني في الأمراض المستعصية داخل مصر.
من جانبه، أشار نائب الوزير لشئون البحث العلمي الدكتور ياسر رفعت إلى ارتباط برنامج الجينوم المصري بخطة الدولة وأهميته في الطب الشخصي والدقيق والعلاج الجينى والصيدلة الجينية، وأن خطة الوزارة لتوجيه برامج بناء القدرات المتوفرة بالإدارة المركزية للبعثات، لتلبية احتياجات برنامج الجينوم المصري من التدريب المتخصص، في أفضل المدارس العلمية في الخارج والإطلاع على تجارب الدول المتقدمة في هذا المجال.
وكشف الدكتور محمود صقر رئيس الأكاديمية عن الخطة التنفيذية للمشروع، الذي سيتم تنفيذه على خمس سنوات (2020-2025) وبتمويل مبدئي مليار جنيه، وبدون تكلفة الدولة أعباء إضافية، على أن يتم تدبير مليار جنيه أخرى من خارج موازنة الأكاديمية، وسيشارك في التنفيذ أكثر من 15 جهة مصرية من جامعات ومراكز أبحاث ومؤسسات مجتمع مدني ، مشيرا إلى أن جهة البحث الرئيسية هي مركز الطب التجديدي والخلايا الجذعية.
وأكد أن هذا البرنامج سوف يكون له العديد من العوائد مثل رفع القدرة على تقديم خدمات الجينوم والطب الشخصي والدقيق، في مجالات الرعاية الطبية داخل مصر، ووضع محددات طينية للتشخيص المبكر للأمراض المنتشرة بين المصريين ، مما يؤدي لخفض تكلفة الرعاية الطبية وتحسين جودة حياة المصريين، وأن مشروع الجينوم المرجعي للمصريين يتميز عن غيره ، من المشروعات المماثلة على مستوى العالم بتحديد التتابع الجينى لقدماء المصريين.
وتتلخص أهداف برنامج الجينوم المصري في ثلاثة محاور رئيسية،الأول تحديد الجينوم المرجعي المصري، والثاني دراسة جينوم قدماء المصريين، والثالث دراسة الجينوم الوظيفي ،والذي يتناول ارتباط التغييرات الجينية بانتشار الأمراض بين أفراد الشعب المصري، ومن المتوقع دراسة جينوم 100 ألف مصري في هذا المشروع.