مع الاجراءات الاحترازية التي فرضتها الدول لمكافحة وباء كورونا، ومنها منع التجمعات والحفاظ علي مسافات امنه، لجأت غالبية الشركات لنظام العمل من المنزل، ولايزال هذا النظام قائم بالنسبة للشركات التي لا يحتاج معها الموظف الي تدخل جسدي، ونرصد في السطور التالية ايجابية هذا النظام وهل من الممكن استمراره بعد انتهاء ازمة كورونا؟، علمًا بأن شركات كثيرة لجأت داخل السوق المصري لتطبيق هذا النظام وهي لاتزال مستمرة به حتى الان.
وفقًا لتجربة الشركات، فأن العمل من المنزل يزيد من انتاجية الموظف، حيث يتردد بعض أصحاب العمل في اعتماد التوظيف عن بعد لأنهم يخشون من أنّ الإنتاجية ستقل، أو أنّ الموظفين سيفشلون في تسليم المشاريع في وقتها إن لم يكن هناك من يراقبهم ويُتابعهم طوال الوقت، وهذا غير صحيح، فالموظفون يكونون أكثر إنتاجية عندما يعملون من المنزل مقارنةً بالعمل من المكاتب، ووفقًا لدراسة اجريت أنّ العمل عن بعد يحسّن أداء وإنتاجية الموظفين بنسبة 13 في المائة، عزت الدراسة هذا الأمر إلى أنّ الموظفين الذين يعملون عن بعد كانوا أقل عرضة لتضييع الوقت بسبب التأخر في الوصول إلى مقر العمل، أو الدردشة مع الزملاء، وأنهم كانوا قادرين على التركيز على عملهم بشكل أفضل. فبيئة العمل المكتبية مليئة بعوامل التشتيت.
إحدى الفوائد الأخرى للعمل عن بُعد على الإنتاجية هي أنّه يقلل من مقاطعة البرامج والمشاريع التي تعمل عليها الشركة لأسباب مثل الحمل أو المرض أو الظروف العائلية أو حالة الطقس، فإن كان الموظف مصابًا بمرض بسيط مثل الزكام، فيمكنه أن يعمل من المنزل دون تعريض صحة زملائه للخطر، كما يمكنه أن يعمل حتى لو كانت الظروف المناخية سيئة، وهذا في النهاية سيؤدي إلى استمرارية العمل، وهو ما سينعكس على الإنتاجية والأداء بشكل إيجابي.
يتيح التوظيف عن بعد للموظفين وأصحاب العمل الكثير من الفرص، ويوسع آفاقهم، فأصحاب العمل لن يكونوا محصورين في البحث عن الكفاءات والمواهب في المنطقة الجغرافية التي يقع فيها مقر الشركة، فيمكنهم توظيف أي شخص من أي مكان في العالم، الأمر ذاته بالنسبة للموظفين، فلن يكونوا مضطرين لأن يقصروا بحثهم عن العمل في المنطقة الجغرافية التي يعيشون فيها، بل يمكنهم أن يعملوا مع أي شركة بغض النظر عن مقرها، حتى لو كانت في بلد آخر دون أن يكونوا مضطرين للهجرة أو السفر.
يساعد خيار العمل عن بعد تجاوز بعض المشاكل والأسباب التي تدفع الموظفين إلى مغادرة الشركة، فقد لا يتمكن البعض منهم من التنقل يوميًا إلى مقر العمل لأسباب شخصية.
يساعد التوظيف عن بعد على الحفاظ على الموظفين، ونظرًا لأنّ توظيف العمال الجدد وتدريبهم أمر مكلف، فإنّ الشركة ستوفر الكثير من المصاريف، إضافة إلى ذلك، توفر الشركات التي تعتمد خيار التوظيف عن بعد أيضًا مصاريف شراء أو تأجير مقرات العمل، لأنها ستحتاج إلى مساحة أقل، وعدد أقل من الغرف للعاملين في المقر، كما يمكن للشركات توفير تكاليف المكاتب والمعدات والتجهيزات، مثل خزائن الملفات، والكراسي، وأجهزة الكمبيوتر والطابعات، أضف إلى ذلك أنها ستقلل الحاجة إلى لوازم مقر العمل، مثل الأوراق، والقهوة والمياه، ورسوم مواقف السيارات، إضافة إلى تخفيف استهلاك الكهرباء، كما يقلل العمل عن بعد أيضًا من تغيب الموظفين.
يساعد التوظيف من المنزل علي تقليل نفقات التنقل للموظف من منزلة الي مقر الشركة بشكل يومي وهو ما سيتوفر له نهاية الشهر مما يساهم في رفع دخلة بشكل فوري وتحسين مستواه المعيشي، كذلك توفير قيمة الوجبات اليومية التي يتناولها الموظف داخل محل عملة.
هل يستمر العمل من المنزل بعد كورونا؟
في ضوء ما سبق ذكره من مميزات لصاحب العمل والموظف، قررت شركات عالمية استمرار نظام العمل من المنزل حتى بعد انتهاء جائحة كورونا، ويأتي علي رأسهم شركة “سيمنس” الالمانية والتي صادقت علي قرار اعتماد نظام عمل جديد يقضى بأن بعض الموظفين غير مجبرين علي العودة للعمل من الشركة ويمكنهم العمل من منازلهم.
وحسب دراسة لمركز بحوث الاقتصاد الأوروبية، فأن شركتا “أليانتس” و”سيمنس” تتماشيان مع التطور الحاصل، وهناك نيه حتى بعد أزمة كورونا التمسك بالعمل من البيت، وهذا ليس فقط في مجال الخدمات.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية ستكون الشركات مجبرة لوقت طويل على حماية الموظفين من وباء كورونا من خلال العمل من البيت، فشركة فيسبوك تسمح لموظفيها بالعمل من البيت على الأقل حتى يوليو 2021 بسبب وباء كورونا، كما أن العاملين يحصلون على ألف دولار لتحسين التجهيزات، حسب ما أعلنت متحدثة باسم الشركة، وبهذا تتبع فيسبوك ما قامت به شركات أخرى مثل غوغل وتويتر.
وفي مصر استطاعت شركات عاملة في قطاع المشروبات الغاذية مثل “كوكاكولا” و”بيبسي” تفعيل خطة العمل من المنزل وذلك للحفاظ علي صحة وسلامة موظفيهم من الاصابة بفيروس كورونا، واقتصر هذا النظام علي الاعمال المكتبية التي لا يتطلب معها تدخل العنصر البشري خلافًا للمصانع والتي يستلزم معها وجود عناصر بشرية لمتابعة العمل.
شركات الاتصالات في مصر هي الاخري واحدة من أبرز الجهات التي تتوسع في جذب عاملين للعمل من منازلهم، وقد خرج بعض إعلانات التوظيف أخيراً من هذه الشركات، التي تطلب موظفين جُدداً مصحوبة بعبارة “للعمل من المنزل”، بعد أن أثبتت تجربة “كورونا” عدم الحاجة لعمل جميع العاملين من مكاتبهم.