كان الدكتور علي المصيلحي وزير التموين، أكد في تصريحات تلفزيونية في 14 يناير 2020، تفضيله التحول إلى الدعم النقدي بدلا من العيني، مؤكدًا أن الهدف هو رفع كفاءة منظومة الدعم، وهو نفس التوجه الذي تبناه عدد ضخم من الخبراء والمحللين، خاصة وان التجربة سبق ونجحت الدولة في تفعيلها من خلال منظومة “تكافل وكرامة”، اضف الي ذلك وجود سلع ترفيهية لدي “بقالي التموين” يفرضونها علي المواطنين مثل “الحلاوة الطحينية” و”المربة” وغيرها من السلع التي لا تمثل أهمية للفئات محدودة الدخل مقارنة بالزيت والسكر والارز.
وفي سياق ذلك، نرصد أهمية تطبيق “الدعم النقدي” بالمرحلة الراهنة، وما المميزات التي تضمنها تلك التجربة للدولة والمواطن، وما المخاوف الحكومية من تطبيق الدعم النقدي المرتبط بزيادة التضخم.
أولاً، مميزات الدعم النقدي :-
يأتي في البداية أمكانية المواطن شراء السلع التي يحتاج اليها وبالكميات التي يريدها بدلاً من فرض سلعة بعينها عليه وإجباره الاختيار بين 21 سلعة تموينية، علمًا بأن بعض “بقالي التموين” يفرضون سلع ترفيهية علي المواطن بحجة اختفاء السلع الاساسية مع الايام الاولي لصرف الحصة التموينية، وبمعني أدق كمية السلع التموينية الواردة لبقال التموين من “الزين والسكر والارز” وهي سلع اساسية لا تكفي عدد البطاقات المشتركة لدي هذا البقال مما يجبرهم بنهاية الامر القبول بالحصول علي كمية اقل من احتياجاتهم واستكمال الحصة التموينية بقطع الحلاوة الطحينية والمربة.
-تحويل منظومة الدعم العيني إلى الدعم النقدي يساهم بقوة في خفض النفقات الضخمة التي تنفقها الدولة في عقد المناقصات التي يتم بناء عليها اختيار الشركات صاحبة السعر الأقل نظير توريد السلع التموينية لمنافذ صرفها للمواطنين، ونفقات نقل السلع من الشركات المنتجة أو الموردة إلى المنافذ، ورواتب العاملين في المنافذ إذا كانت مملوكة للدولة، أو تكاليف استئجار أجزاء من بعض المحال التجارية الخاصة كمنافذ توزيع.
-الدعم النقدي يوقف إهدار موارد الدولة ويساهم في زيادة حصة المواطن من الدعم، ويمكن تسلم المواطنين الدعم نقديا عن طريق المكاتب الحكومية أو تحويله لهم على حساباتهم البنكية، ما يسهل معرفة قيمة مدخراتهم من خلال كشوف حساباتهم والبنك المركزي الذي يستطيع من خلال قواعد بياناته الكشف عما إذا كانوا يملكون حسابات أخرى أو لا، ما يضمن وصول الدعم لمستحقيه.
-التحول إلى الدعم النقدي، كان فرصة للعديد من الدول لإعادة النظر في منظومة الدعم برمتها بإضافة شروط استراتيجية، بينها إلزام متلقي الدعم بانتظام أطفاله في التعليم المدرسي وتقديم تقارير صحية محددة سنويا، مقابل الحصول على الدعم، فهناك دولا مثل المكسيك والبرازيل نجحت في خفض نسبة التسرب من التعليم وتحسين الحالة الصحية للمواطنين، وخفض معدلات الفقر من خلال تطبيق الدعم المشروط.
-يشترط اتخاذ سلسلة من الاجراءات قبل التحول للدعم النقدي، ابرزها وجود اليات واضحة للحفاظ علي استقرار اسعار السلع في الاسواق وثباتها وتوافر المنتجات علي كافة الاصعدة وتشديد الرقابة، وذلك لكي تضمن الدولة شراء المواطن احتياجاته عبر كارت ذكي يتسلمه للحصول علي الدعم بصفة ثابته شهريًا.
علي الجانب الاخر، كان لنظام التحول الي الدعم النقدي مخاوف ربما لم تفصح عنها الحكومة، لكن سبق وان صرحت بذلك مصادر مطلعة من وزارة التموين، تؤكد بأن التحول إلى الدعم النقدي الكامل يثير قلق الحكومة بشأن زيادة معدلات السيولة بالسوق وارتفاع معدلات التضخم إلى جانب أهمية وخطورة الملفات الذي يمسه مشروع التحول إلى الدعم النقدي الكامل، منوها إلى أهمية رغيف الخبز في منظومة الأمن الغذائي المصري وأن استمرار وزارة التموين والتجارة الداخلية في توفير رغيف الخبز لنحو 70 مليون مواطن بسعر 5 قروش لكل رغيف يعد أحد أهم الأولويات على أجندة الوزارة.
فيما حددت وزارة التموين ضمن محاورها التي اعلنت عنها زيادة عدد السلع التموينية المطروحة خلال الفترة المقبلة لـ 100 سلعة، حيث تقوم بطرح 21 سلعة بالوقت الراهن، كذلك دعم سلعي ممثل في حصول المواطن على 5 أرغفة يوميا مقابل 5 قروش/رغيف فيما تتحمل الدولة 60 قرشا تكلفة إنتاج كل رغيف.