أصبحت قائمة أكثر 10 دول تسجيلاً للإصابات بفيروس كورونا تضم الآن 9 دول أوروبية، وسجلت ألمانيا الثلاثاء، نحو 40 ألف إصابة جديدة بفيروس كورونا، لتحل في المرتبة الثانية من حيث عدد الإصابات بعد الولايات المتحدة الأميركية.
وبحسب الإحصائيات، فإن أوروبا أصبحت مرة أخرى، مركز الوباء العالمي خاصة مع اقتراب موسم الشتاء وبداية موسم الاحتفالات التي تبلغ ذروتها في أعياد الميلاد، وهو الأمر الذي سيقود موجة رابعة في بلدان تلك القارة، تقول منظمة الصحة العالمية عنها إنها قد تؤدي لوفاة نصف مليون شخص في أوروبا” بحلول فبراير 2022.
ماذا يحدث في أوروبا؟
وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، ارتفعت الإصابات بفيروس كورونا في جميع أنحاء القارة بنسبة تزيد على 7٪ والوفيات بنسبة 10% خلال الفترة الماضية؛ ما يجعلها المنطقة الوحيدة في العالم التي تتزايد فيها حالات الإصابة والوفيات باطراد.
في البرتغال وإسبانيا؛ نجحت الحكومة في تطعيم أكثر من 80% من السكان بشكل كامل؛ فيما لقحت إيطاليا 73% من سكانها؛ وقامت هولندا، التي أعلنت بالفعل إغلاقاً جزئياً لمدة 3 أسابيع، بتطعيم 73% من سكانها بالكامل؛ ولقحت فرنسا نحو 69% من سكانها؛ فيما تلقى اللقاح في ألمانيا، التي تشهد أعلى معدلات الإصابة اليومية الآن، 67% من إجمالي سكانها.. ورغم ذلك لا تزال معدلات الإصابة في ازدياد.
يقول الباحث في علوم الأحياء في معهد العلوم والتكنولوجيا بالنمسا سيمون رايلا، إن “الأمر ببساطة يؤكد أن نسب التطعيمات غير كافية على الإطلاق“.
وأضاف في تصريحات أن انتشار فيروس كورونا من جديد في أوروبا “أمر متوقع” فوجود أشخاص غير مُطعمين بالملايين “سيجعل الموجة الجديدة أمراً واقعاً خلال أيام.. لكنها لن تكون بقسوة الموجات السابقة“.
ويؤكد رايلا أن حكومات البلدان الأوربية “تسرعت” حين خففت من قيود كورونا المستجد “إذ لا يجب تخفيف القيود على الإطلاق إلا بعد التأكد الكامل من تحول الوضع الوبائي لحالة من الاستقرار وعدم تسجيل ارتفاع في الإصابات اليومية“.
الانخفاض في عدد الإصابات لن تقوده نسب الحصول على التطعيمات فقط، “إذ يجب أن تستمر الإجراءات الاحترازية لأطول فترة ممكنة ومن ضمنها التباعد الاجتماعي وارتداء الأقنعة في الأماكن العامة”، وفق رايلا.
انخفاض الأجسام المضادة
وعلى الرغم من أن حملات التطعيم في أوروبا كانت واحدة من أسرع الحملات حول العالم وأكثرها كفاءة؛ فإن دورية “نيتشر” تصف تلك الحملات الآن بـ”عقب (كعب) أخيل“.
فقد تم إعطاء اللقاحات قبل نحو 10 أشهر؛ ما يعني أن مستويات الأجسام المضادة “بدأت بالفعل في التراجع“.
ويقول الخبراء إن الانخفاض في الأجسام المضادة التي تمنع العدوى أو تحيدها لا يعني إطلاقاً أن الشخص أصبح عرضة للعدوى. إذ تلعب خلايا الذاكرة المناعية دوراً أيضاً في عملية منع أو تحييد العدوى “لكن مستوى الأجسام المضادة مؤشر جيد للغاية على منع العدوى أكثر من باقي المؤشرات“.
وبالتأكيد؛ يجب تلقي جرعات تعزيزية على مستوى واسع في المستقبل القريب، وقد بدأت بالفعل بعض الدول الأوروبية في تلقيح مواطنيها بتلك الجرعات على حد ما يقول “رايلا”. إلا أنه لا يُعوّل على ذلك الأمر “فلا يزال هناك أشخاص في قائمة الانتظار لتلقي جرعتهم الأولى أصلاً في أوروبا“.
ويقول “رايلا” إن انتشار متغيرات كورونا أيضاً أثر في نسب الإصابة. إلا أنه يعود ويؤكد أن “تراجع القيود” هو السبب الأساسي وراء ارتفاع معدلات الإصابة بعدوى كورونا مرة أخرى.
تفاؤل بشأن مستقبل الوباء
يقول الباحث في الهندسة البيولوجية بمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (كالتك) أنتوني ويست، إن زيادة أعداد المُصابين “مقلقة” لكن لا يجب النظر فيها “بشكل مُجرد“.
فهناك عامل مهم يجب النظر فيه أيضاً؛ على حد قول ويست، ألا وهو “خطورة وحدة الإصابات”. فيقول ويست، إن معظم الإصابات الخطيرة تقع بين أولئك الذين لم يتلقوا التطعيم الكامل “في حين أن المُطعمين لا تظهر لديهم أعراض حادة، ولا يحتاجون إلى الحجز في غرف العناية المركزة”. واعتبر أن هذا أمر يلقي بالضوء على “جدوى التطعيم”، ويمكن أن يخبرنا أن البشرية “في طريقها للقضاء على ذلك الوباء“.
العامل الآخر في تفاؤل ويست هو “توافر أدوية يبدو أنها تحد من شدة العدوى”. يقول “ويست” إن تلك الأدوية “ستغير قواعد اللعبة قريباً، وستُحول الوباء إلى مرض متوطن في العام المقبل”.