منظمة الصحة العالمية حذرت في وقت سابق من خطورة المتحور الجديد لفيروس كورونا “أوميكرون” وقالت ان ظهوره يمثل خطرًا مرتفعًا للغاية على مستوى العالم، ليعقبها سؤال بادر في ذهن الاقتصاديين حول العالم، وهو “هل يستطيع العالم تحمل اغلاق كلي مرة ثانية؟
ويأتي ظهور المتحور الجديد في وقت يعاني منه الاقتصاد العالمي من ارتفاع غير مسبوق في التضخم، بسبب زيادة الطلب على السلع واضطراب سلاسل الإمدادات.
اقتصاد العالم في مواجهة أوميكرون
يرى بنك الاستثمار العالمي جولدمان ساكس أن تأثير أوميكرون يتوقف على 4 سيناريوهات.
ونقلت وكالة بلومبرج عن البنك أن السيناريو الأسوأ سيظهر إذا كان المتحور الجديد يلزم إعادة الإغلاق الذي يعيق النمو الاقتصادي، ولو حدث هذا ستتهدد سلاسل الإمدادات المضطربة بالفعل ويتضرر الطلب، وهذا سيثير المخاوف بشأن حدوث مزيج تضخمي يتكون من تضخم سريع ونمو بطيء.
وقالت أليسيا جارسيا هيريرو، كبيرة الاقتصاديين في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في شركة Natixis SA، إن العالم لم يعان من الركود التضخمي بعد لكن عام أخر من عدم التنقل بحرية واستمرار اضطرابات سلسلة الإمداد ذات الصلة، قد يدفعنا إلى هذه المعاناة.
وتشير أحد احتمالات جولدمان ساكس إلى أن أحد هذه الاحتمالات هو أنه يمكن أن تؤدي موجة كبيرة من العدوى إلى تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي إلى 2% في الربع الأول من عام 2022، وهو ما ينخفض بنسبة 2.5% عن التوقعات الحالية.
وخفض البنك توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي إلى 4.2% في العام المقبل من 4.6% كان يتوقعها سابقًا، على أن تكون هناك زيادة مقابلة في النمو في عام 2023، ليعود للانتعاش مرة أخرى.
أما الاحتمال الجيد، فيدور حول إثبات أن المتحو شيء لا ينطوي على تهديد، لكن ظهوره يذكرنا أن الوباء سيظل يشكل تهديدًا للاقتصاد العالمي، وربما يستمر هذا التهديد لأعوام قادمة.
وتقول الوكالة إنه إذا لم يكن هناك شيء أخر، فإن وجود أوميكرون يظهر مخاطر إجراء تنبؤات اقتصادية في عصر الجائحة.
والشيء الوحيد المؤكد هو أن حالة عدم اليقين الاقتصادي قد ارتفعت بشكل أكبر، إذ يحتاج الاقتصاديون إلى جرعة كبيرة من التواضع عند إجراء توقعات لعام 2022.
هل يتغلب الاقتصاد العالمي على أوميكرون؟
يتوقع الاقتصاديون عمومًا أن يتغلب الاقتصاد العالمي على أي موجة جديدة من الإصابات بفيروس كورونا الناجم عن متغير أوميكرون بسهولة نسبيًا، حتى لو كانت أحدث نسخة من الفيروس قد ألقت بظلالها على التوقعات الاقتصادية مع عدم اليقين.
وتقول صحيفة فايننشال تايمز البريطانية إن السبب الرئيسي لهذا التقييم الأولي المتفائل نسبيًا هو القدرة المتزايدة للاقتصادات على التكيف مع قيود كورونا السابقة، إلى جانب إطلاق برامج اللقاحات ضد الفيروس.
وقال الاقتصاديون إنه لذلك من غير المرجح أن تكبح أي موجة جديدة من الفيروس ارتفاع التضخم، على الرغم من أنها ستثير الشكوك بين محافظي البنوك المركزية بشأن الحكمة من تشديد السياسة النقدية.
ويقول بول دونوفان، كبير الاقتصاديين في يو إس بي لإدارة الثروات إن السفر والسياحة قد يتضرران بشدة في بعض الأماكن، لكن هذا بشكل عام جزء صغير جدًا من النشاط الاقتصادي الكلي.
وأضاف أن متحور أوميكرون من غير المرجح أن يغير الرواية الاقتصادية الأوسع في هذه المرحلة.
أوميكرون والتضخم
يقع محافظو البنوك المركزية حول العالم في حيرة كبيرة في وقت يرتفع التضخم فيه على المستوى العالمي، إذ أنهم مطالبون برفع الفائدة للسيطرة على التضخم في الوقت نفسه قد يضر ارتفاع الفائدة نمو الاقتصاد العالمي.
ويعتقد معظم الاقتصاديين أن أي تباطؤ في النشاط الاقتصادي من غير المرجح أن يحد من الارتفاع الأخير في التضخم، لا سيما في السلع التي تجاوز طلبها الإمدادات العالمية التي تعاني من اضطرابات.
وقال نيل شيرينج، كبير الاقتصاديين في كابيتال إيكونوميكس، إن الارتفاع المرتبط بالفيروسات في الإنفاق على السلع، أو إغلاق الموانئ من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم ضغوط الإمداد الحالية ويزيد من الضغط المتزايد على تضخم السلع.
وبحسب جوردان روتشستر، محلل استراتيجي للعملات الأجنبية في نومورا في لندن، فإن “ليس من الواضح أنه أوميكرون عامل مضاد للتضخم”.