نشر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً معلوماتياً حول الذكاء الاصطناعي وتأثيره على مستقبل سوق العمل.
حيث أشار المركز إلى أن المليارات من الأشخاص يتواصلون الآن حول العالم من خلال أجهزة الكمبيوتر الشخصية والهواتف المحمولة، ومن ثم فإن التطورات التكنولوجية أصبحت تؤثر بشكل بالغ للغاية في الحياة الواقعية والافتراضية، وقد جاءت جائحة كورونا لتمثل اختبارًا حقيقيًّا لمدى الترابط بين العالمين الواقعي والافتراضي.
وأشار مركز المعلومات إلى أن الذكاء الاصطناعي مجالاً مزدهراً في علوم الحوسبة؛ حيث يركز على أداء المهام التي تحتاج إلى منطق بشري بطريقة ذكية للغاية يمكن مقارنتها بالذكاء البشري، ومن هذا المنطلق فهو مجال متعدد التخصصات وله مناهج مختلفة جدًا مثل التنقيب في البيانات Data Mining والتعلم العميق Deep Learning، ويلعب هذا المجال أدوارًا حيوية للغاية في جميع المجالات، بما في ذلك المجال الاقتصادي، حيث تعتبر أدوات الذكاء الاصطناعي أساساً قوياً لتحقيق نمو اقتصادي أكبر وزيادة كفاءة الأداء الاقتصادي وجودة عملية اتخاذ القرار؛ وذلك لقدرتها على تحليل البيانات الضخمة باستخدام الخوارزميات المختلفة.
وتعد تقنيات الذكاء الاصطناعي من آليات دعم القرار المهمة، فعلى سبيل المثال يمكن استخدامها لتحليل بيانات أسواق السلع الخاصة بإنتاج المنتجات المختلفة، ودراسة حركة المخزون؛ بغية تحديد وتوقع أسعار البيع للمنتجات، كما يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل الحسابات البنكية وتحليل بيانات المتعثرين عن السداد، وهو ما يساعد بدوره في الحد من مخاطر التعثر عن السداد في المستقبل، وبالإضافة إلى ذلك قد تستخدم هذه التقنيات في اتخاذ القرارات المتعلقة بتداول الأوراق المالية والتنبؤ بأسعارها، وهو ما قد يلعب دوراً كبيراً في منع الأزمات النظامية systemic crisis.
وأضاف المركز أنه في ظل مواكبة التطورات العالمية واتجاه الدول إلى التحول الرقمي، يشهد العالم الآن تطورات كبيرة في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، فقد أخذت قوة الحوسبة في النمو بمعدل هائل خلال السنوات الماضية، وذلك في ظل توافر قواعد البيانات الكبيرة، حيث ساعدت الحوسبة وتقنيات الذكاء الاصطناعي في القيام بالمهام المعقدة المتعلقة بتحليل البيانات الكبيرة التي يصعب على العقل البشري استيعابها، ومن هذا المنطلق يتحدث البعض بشأن خطر الأتمتة على مستقبل الوظائف، وهو ما سيتطلب من الدول دراسة السيناريوهات المختلفة للتحول الرقمي وتحديد التعديلات المطلوبة في جانب العرض بسوق العمل؛ لتلبية التحول الجديد في الطلب، وقد أوضح تقرير لمنتدى الاقتصاد العالمي أن الكثير من الوظائف الإدارية والمكتبية سوف ينخفض الطلب العالمي عليها مقابل زيادة متوقعة للوظائف الخاصة بتحليل البيانات الضخمة والوظائف القائمة على تقنيات الذكاء الاصطناعي.
ومن هذا المنطلق، فإنه من المتوقع أن تعمل الأتمتة والاعتماد على التكنولوجيا وتقنيات الذكاء الاصطناعي على تغييرات واضحة في المهام والوظائف والمهارات المطلوبة في سوق العمل العالمي بحلول عام 2025، حيث أشار تقرير منتدى الاقتصاد العالمي إلى أن 43.2% من الشركات التي تم استطلاع رأيها قد أفادت بأنها سوف تقوم بتقليص قوتها العاملة بسبب الاعتماد على التكنولوجيا، كما أشار نحو 41.8% من الشركات المستطلع رأيها إلى أنها سوف تقوم بتوسيع استخدامها للمتعاقدين لأداء خدمات تخصصية، في حين أفاد نحو 34.5% من الشركات المستطلع رأيها بأنها سوف تقوم بتوسيع قوتها العاملة بسبب التكامل التكنولوجي، كما يتوقع التقرير أن 38.3% من الشركات المستطلع رأيها سوف تتخذ إجراءات لتغيير مواقع عملها، و55.1% من الشركات المستطلع رأيها سوف تقوم بتعديل سلاسل القيمة المضافة الخاصة بها لأسباب لا تتعلق بزيادة الاعتماد على التكنولوجيا والأتمتة.
ويشير تقرير مسح الوظائف المستقبلية الذي أجراه منتدى الاقتصاد العالمي إلى أن الوظائف التي سوف يتم خلقها ستتجاوز الوظائف التي سوف يتم تدميرها، حيث أفادت الشركات المستطلعة بأن الوظائف الزائدة (أو الأعمال المكررة) سوف تنخفض بنسبة 6.4% (من 15.4% من إجمالي قوة العمل إلى 9% من إجمالي قوة العمل)، بينما ستنمو المهن الناشئة بنسبة 5.7% (من 7.8% من إجمالي قوة العمل إلى 13.5% من إجمالي قوة العمل)، وفي هذا الصدد، يتوقع التقرير استبدال 85 مليون وظيفة نتيجة التحول لاستخدام التكنولوجيا، بينما سيظهر بدلاً منها 97 مليون فرصة جديدة أكثر تكيفًا مع التكنولوجيا وخوارزميات الذكاء الاصطناعي.
وأشار المركز إلى عدد من الإجراءات والتوصيات خلال تحليله، أبرزها ضرورة أن تعكف الدول -خاصة النامية- على دراسة التبعات الاقتصادية والاجتماعية لاستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي، هذا بالإضافة إلى أهمية الإلمام بمتطلبات المرحلة الجديدة من تطوير للعملية التعليمية ومحتوى المناهج الدراسية، خاصة فيما يتعلق بعلوم الحوسبة والذكاء الاصطناعي والرياضيات والهندسة، كما يجب على الأفراد العمل على تطوير مهاراتهم الشخصية لمواكبة التغيرات المتسارعة في شكل متطلبات سوق العمل؛ لتجنب أزمات البطالة المستقبلية الناجمة عن فجوة المهارات في سوق العمل، فكلما ازدادت مرونة الدول في التكيف مع التطور التكنولوجي، بالإضافة إلى توفير البنية التحتية التكنولوجية الجيدة، تجنبت تلك الدول مشاكل البطالة الناجمة عن التوسع في استخدام الذكاء الاصطناعي.