يبحث سوق العمل المصري عن قانون عمل يلبي احتياجاته، يكون عادلًا ومنصفًا، يوازن بين العمال وأصحاب الأعمال، وأن يكون محفزًا للاستثمار ومراعٍ لحقوق العمال، وبعد مناقشات عدة وافق مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي، على مشروع قانون العمل الجديد،.. فكيف كانت كواليس مناقشته، وكيف عالج أزمات القانون الحالي رقم 12 لسنة 2003، وما هي المواد الجديدة التي تمت إضافاتها، المواد التي تم تعديلها؟
ونقلاً عن الزميلة “ايه الشيخ” أجري النائب خالد عيش عضو مجلس الشيوخ ورئيس النقابة العامة للعاملين بالصناعات الغذائية هذا الحوار والذي تطرق لكل ما يهم العامل وعملية التطوير التي طالت قطاع الصناعات الغذائية، والي نص الحوار ..
– في البداية.. حديثنا عن أبرز المميزات التي تمت لإضافتها لمشروع قانون العمل الجديد وعالجت مشكلات القانون 12 لسنة 2003؟
وفقنا في مجلس الشيوخ من الانتهاء من مناقشة كافة مواد قانون العمل الجديد، وذلك بعد 19 عام لم يتغير فيها القانون القديم رقم 12 لسنة 2003، والذي يطلق عليه قانون سيء السمعة، حيث كان يسمح بالفصل التعسفي، وهذا ما كان يتعارض مع الدستور في مادته رقم 13 التي تجرم الفصل التعسفي للعامل، وتحمي الطبقة العاملة.
واستطاعنا أن نخرج بقانون به نوع من العدالة والتوازن بين طرفي العملية الإنتاجية، العامل وصاحب العمل، حيث نص القانون على حقوق وواجبات كل من العامل وصاحب العمل.
القانون أعطى المرأة جزء كبير من المميزات، حيث نص على أن تكون إجازة الوضع 3 مرات، كما قمنا باستحداث مادة جديدة بإعطاء الأب إجازة يوم ولادة طفله، ونتمنى أن يوافق عليها مجلس النواب أثناء مناقشته للقانون خلال الأيام الجارية، وأن يزيد المدة.
وقمنا بإلغاء استمارة 6 لمنع الفصل التعسفي، حيث يتم إبرام 4 نسخ من عقد العمل، نسخة للعامل، ونسخة لصاحب العمل، ونسخة في التأمينات الاجتماعية، ونسخة في مديرية القوى العاملة التابع لها مكان العمل.
نص القانون على إنشاء المحاكم العمالية المتخصصة لسرعة عملية التقاضي بين العامل وصاحب العمل في حالة النزاع، حيث قمنا بإلغاء اللجان الخماسية، وأصبحت ثلاثية تضم العامل وصاحب العمل، ومدير منطقة القوى، لحل المشكلات عند وقوعها، وإذا لم يصلوا لحل فيتم تحويلها لقاضي الأمور الوقتية، ثم بعد ذلك للمحاكم العمالية في نهاية الأمر، وهذه المادة تعتبر انصاف للعامل لم يكن موجود في السابق، فكان العامل يستغرق أكثر من 3 سنوات للبت في قضيته.
وقمنا بتعديل المادة الـ133 التي سببت لغط كبير في مناقشتها وأخذت مساحة كبيرة في المناقشة داخل مجلس الشيوخ، حيث كانت تلغي عملية التوازن الذي ينص عليه باقي مواد القانون، وتنص على إنهاء العمل بين العامل وصاحب العمل، مقابل إخطار العامل بذلك قبلها بـ3 أشهر، وإعطاءه ساعة يوميا خلال الـ3 أشهر للبحث عن عمل جديد، ونجحنا في وضع شرط لإنهاء العمل بمبررات مشروعة وكافية، مثل الإخلاء بعقد العمل، أو ارتكاب عمل جنائي، أو مخالفة لائحة المنشأة، وغيرها من الأسباب المشروعة التي نص عليها القانون.
وفي باب العقوبات، قمنا بزيادة العقوبة بالنسبة للأماكن التي يعمل بها أطفال إلى 20 ألف جنيه، وتتعدد بحسب عدد العمالة الموجودة داخل المنشأة.
يضم القانون نحو 267 مادة، وقمنا بإضافة مادة خاصة بإنشاء صندوق للعمالة غير المنتظمة، وخاصة بعد تأثيرها بقوة خلال جائحة فيروس كورونا، ويتشكل هذا الصندوق برئاسة رئيس مجلس الوزراء، و4 من ممثلي العمال.
كما راعى القانون عملية التدريب والتثقيف، حيث نرغب خلال الفترة المقبلة، أن نلجأ للتعليم الفني بشكل كبير، لمواكبة سوق العمل، لخلق فرص عمل جديدة للشباب.
قمنا بإلزام صاحب العمل على عدم وقف العامل أكثر من 60 يوم، على أن يتقاضى خلالها راتبه كاملا، بدلا من نصف الراتب كما كان في القانون السابق، حفاظا على أسرته حنى البت في القضية.
– هل تطرق القانون لتنظيم عمالة المنزل؟
لم يتطرق القانون لذلك، حيث أنه من غير الممكن أن يسمح المواطنين بدخول مفتشي العمل لمنازلهم للتفتيش على تطبيق القانون على العمالة التي بالمنزل.
– ما هي رسالتك لمجلس النواب قبل مناقشة القانون؟
قانون العمل اتخذ وقتا كافيا لمناقشة داخل مجلس الشيوخ من قبل الحكماء وأصحاب الأعمال الموجودين داخل المجلس، لذا فهو تم إجراء حوار مجتمعي عليه، ونتمنى من مجلس النواب أن يسرع في إصداره قبل تقرير منظمة العمل الدولية السنوي عن الدول المخالفة لمعايير العمل الدولية، حيث أن ذلك القانون من المؤكد أنه سيزيد من قناعة المنظمة لدى الملف العمالي داخل مصر.
ومن المفترض أن أي مستثمر يأتي لأي دولة، فهو يقوم بقراءة قانون العمل الموجود بها أولا، ومعرفة مدى توازني إعطاء الحقوق للعامل وصاحب العمل.
– لماذا تم خفض العلاوة الدورية للعاملين بالقطاع الخاص من 7% إلى 3% في القانون الجديد؟
ال7% كان على الراتب الأساسي، ولكننا جعلناها 3% على الأجر التأميني الذي لا يقل عن 1400جنيه، وقمنا بإضافة شرط ألا تقل تلك العلاوة عن 70 جنيه
– هل القانون الجديد ألزم صاحب العمل بدفع تأمينات العامل؟
القانون يلزم عند التعاقد مع العامل أن يتم التأمين عليه وعقد العمل يحرر من أربع نسخ بين العامل وصاحب العمل والتأمينات وممثل مديرية القوى العاملة وذلك يضمن حقوق العاملين في التأمين في تعديل قانون العمل الجديد، وبتلك النسخ تعمل على حفظ حقوق العامل في أي مؤسسة.
– ما هي أنواع عقود العمل التي نص عليها القانون؟
يوجد 6 أنواع لعقود عمل مختلفة وليس نوع واحد عقد عمل موسمي عقد عمل بالقطعة عقد غير محدد المدة وعقد محدد المدة وذلك لـ4 سنوات لأن رجال الأعمال طالبوا أن يكون العقد المحدد لمدة 6 سنوات ولكننا رفضنا ذلك لضمان حقوق العامل.
– ماذا عن شركة التوظيف “الأوت سورس” وكيف نحمي حقوق العامل بها؟
نحن نسمي تلك الشركات الطرف الثالث، فلسفة الوزارة في الحاق العمالة هي تقليل حجم البطالة وليس إعادة شغل العاملين وعملنا على اقتراح في مجلس الشيوخ وهو تفعيل دور شركات العمالة وفتح سوق عمل وليس تدوير العاملين، وطالبنا أيضا في تشكيل صندوق العمالة غير المنتظمة أن يكون هناك أجهزة رقابية على تلك الشركات في حفظ حقوق العمالة والتأمين لهم ضد إصابة العمل والأمان لهم، وهناك قانون جديد في الفترة المقبلة بصدد صدوره من الحكومة لحماية ورعاية العمالة الغير منتظمة لأنها تمثل عدد كبير.
– وماذا عن تعويضات العمال في حالة الفصل؟
استطعنا أن يكون هناك شهرين من الأجر الشامل عن كل سنة خدمة، وكان هناك اعتراض أن العامل الذي يستقيل ليس له حق في رواتب أخرى، ولكن كان ردنا أنه ليس كل الذين يتم فصلهم يكونوا ارتكبوا جرم، والحد الأدنى من التعويض هو شهرين.
– البعض يرى أن استثناء قطاعات من تطبيق الحد الأدنى للأجور ظلم للعاملين بالقطاع الخاص.. ما رأيك؟
إذ أمرت أن تُطاع فأمر بالمستطاع، فلو هناك مؤسسة لظروف عملها أثرت بالسلب على المراكز المالية لها، ولا تستطيع تطبيق الحد الأدنى 2400 جنيه على عمالها، هل من الأجدى الاستمرار على نفس النهج أم الإغلاق؟
هذا السؤال كان مطروحًا أم المجلس القومي للأجور، وتوصلوا إلى أنه يحق لأي مؤسسة أن تأخذ إعفاء من التطبيق، في حالة موافاة إدارة المجلس بالأوراق الرسمية التي تثبت أن مركزها المالي لا يسمح لها بالوفاء بالحد الأدنى للأجر، وإعفاء من التطبيق سيكون لفترة وليس على الدوام، ويتم مراجعة القرارات بصفة منتظمة.
وبالفعل عند التطبيق الكثير من المنشآت قدمت طلبات لإعفائها من تطبيق الحد الأدنى، وتم تشكيل لجنة برئاسة وزيرة التخطيط لدراسة كل حالة على حدى، واتخاذ القرار المناسب.
– وماذا عن قانون التأمينات الاجتماعية والتعديلات الخاصة به؟
أكثر من 60 عضو بمجلس النواب طالبوا بتعديله، والنظام الاقتصادي نظام حر، ونتجه إلى تطوير القطاع العام، ونطور قانون 203، وسنلجئ للكثير من الشركات والتى ستتحول من القانون 203 إلى قانون 195 الخاص بالشركات المساهمة، وبالتالي سيكون هناك إعادة هيكلة في الكثير من الشركات، لأن نتيجة التكنولوجيا والرقمنة التي يتجه إليها العالم كله، مثلما كان لها إيجابيات، لها سالبياتها، وهي تنحصر في أن القسم الذي يوجد به 20 يمكن تشغيله بـ 5 فقط.. وتفاصيل تعديله تخص مجلس النواب.
– وماذا عن تطبيق اللائحة الموحدة؟
اللائحة حتى الآن لم تصلني، ويمكن القول أن الاتحاد كان له السبق، أنه اعترض على اللائحة بشكل كلي وكانت اعتراضات إيجابية.
والقانون نص على مشاركة التنظيم النقابي في إعداد أي لائحة، وبالتالي لما أعمل لائحة بدون مشاركة التنظيم النقابي تعتبر اللائحة هي والعدم سواء، وتم إرسال خطاب بنفس المعنى إلى رئيس مجلس النواب، ومجلس الشيوخ، ووزير القوى العاملة، ووزير قطاع الأعمال، لأن اللائحة من وجهة نظر اتحاد العمال مخالفة لأنها تنفي نص الموجود في القانون والخاص بمشاركتنا
– وهل هناك بعض الشركات تطبق تلك اللائحة؟
لا يوجد أي من الشركات الكبرى في قطاع الصناعات الغذائية قام بتطبيق تلك اللائحة حتى الآن.
– ما دوركم في حل مشاكل العمالة في شركات القطاع الغذائي؟
يتم التواصل بين النقابة العامة والشركة القابضة للصناعات الغذائية ووزارة التموين لمناقشة أى مشاكل خاصة بالعاملين في أسرع وقت.
– ما آخر تطورات أزمة شركة القاهرة للزيوت؟
هناك بعض الشركات مراكزها المالية تتدهور وبذلك تعمل على تصفية بعض العمالة لتقليص الخسائر بأكبر قدر ولكن تم حل تلك المشكلة بالتراضي بين العاملين وللشركة اتفاقية عمل جماعية نصت على أنه من يرغب في المعاش المبكر تحت إشراف وزارة القوى العاملة وتم استرداد مستحقات العاملين وتوصلنا لحل يرضي جميع الأطراف.
حدثنا عن تطورات شركات القطاع الغذائي؟
شعارنا الأول هو كل ما يؤكل ويشرب ويشم ويدخن نهتم به ونطوره، لأن تلك القطاعات تمثل النقابة العامة ويوجد لدينا 120 شركة و120 لجنة نقابية يتم سداد اشتراكها بصفة منتظمة، والعلاقة بيننا متعاونو وتواصل دائم لمتابعة التطورات في القطاعات ومع العمالة في تلك الشركات وحل المشاكل في وقت أسرع، ونشر ثقافة الحقوق والواجبات لدى العاملين وهذا ما نتبعه في نقابة الصناعات الغذائية.
– ما الذي تقدمونه للعاملين في المخابز؟
كان يتم تحصيل قرش مقابل إنتاج شوال الدقيق، من كل شركة مطاحن لرعاية تلك العمالة والتأمين عليهم ولكنهم رفضوا الدفع بعد تحويلهم لشركات مساهمة، ولكن نمتلك سيولة تقدر ب 8 مليون جنيه يتم من خلالها تقديم خدمة تأمينية واجتماعية، وبعض شركات القطاع العام يتم التحصيل منها وتلك الأموال لحفظ حقوق العاملين بالمخابز وجميع العاملين المسجلين لدينا تم التأمين عليهم.
– ما تأثير جائحة كورونا على العاملين بقطاع التغذية؟
نحن كقطاع صناعات غذائية كان لنا النصيب الأفضل في عدم تأثير الجائحة علينا كنتائج أعمال، لأن القطاع الوحيد الذي كان مسموح له بالعمل خلال 24 ساعة في ظل الحظر، وإن حجم الطلبات على الغذاء كان كبير وبالتالى كان لنا تصريح من الجهات المعنية أن تعمل فترتين في المصانع والقطاعات الوحيدة التي استفادت ولم تتضرر من جائحة كورونا.
– هناك تخوفات أن التضخم يؤثر بالسلب على القدرة الشرائية للمواطن.. ما رأيكم في ذلك؟
الدولة تعمل بنسب معينة في تلك القرارات ولو زاد التضخم يتم زيادة الأجور بنسب متساوية، ولو حدث حرب بين أوكرانيا وروسيا سوف تؤثر على العالم أجمع لأن الملاحة البحرية سوف تقف ونحن نعتبر أكبر دولة تستورد قمح 7 مليون طن، ومتوسط استهلاكنا 13 مليون طن قمح، وذلك له تأثير كبير على جميع المواد الغذائية الأخرى، وفى الوقت الحالى نزرع 6 مليون طن قمح، ووزارة التموين لها رؤية في أن يكون هناك مخزون يكفى لـ 6 شهور، بسبب الاضطرابات الدولية، والدولة مؤخرا رفعت الأجور والعلاوات والرئيس السيسي يتابع تلك القرارات وهناك توجهات جديدة للمواطن سوف يعلن عنها الرئيس الفترة المقبلة.
– هل نرى نقص في بعض المواد الغذائية الفترة المقبلة؟
يوجد لدينا مخزون إستراتيجى من الأرز والقمح والسكر والدولة في متابعة دائمة لتلك السلع وتوفير احتياطى منها يكفى لشهور.
– البعض يقول أن النمو الاقتصادي الذي تشهده مصر حاليا إنشائي فقط وليس إنتاجي أو تصنيعي.. هل هذا صحيح؟
اجتمع الرئيس السيسي مؤخرا مع الوزراء المعنيين بالقطاعات الصناعية، ووجه بإنشاء مدينة صناعية متكاملة في مدينة السادات توفر الوجبة الغذائية للأطفال، وحجم استثمارها إلى الآن حوالى 8 مليار جنيه لأننا نبني صرح صناعى مختلف، ونكون من أكبر الدولة المصدرة للأسواق المجاورة ونعمل على تطوير قطاع الزيوت وتجديد وإحلال لكل المصانع لأنه لم يتم تطويرها منذ فترات زمنية كبيرة، وأن لا يتم استيراد أي منتج في الزيت، ويتم تطوير قطاع الدخان مثل الشرقية للدخان، وتعتبر ثانى أكبر مصدر دخل بعد قناة السويس وبالتالى أننا نستثمر في جميع القطاعات وليس الإنشاءات فقط، وخلال السبع سنوات الأخيرة هناك شركات كبرى فتحت فروع أخرى في بعض المحافظات وهناك تنمية في ظاهرة تلك القطاعات.
– الانتخابات العمالية ستجرى في موعدها؟
لا يوجد تغيير في مواعيد انتخابات النقابات لأنه ليس هناك شيء يستدعى التأجيل، ولا نريد أن نعود بالزمن لـ 2013 للتأجيل شيء في مصلحة المواطن والعامل، وأكبر مثال على ذلك إلغاء قانون الطوارئ وذلك يمثل أن الدولة بها استقرار وأمان.
– وما استعداد اتحاد عمال لتلك الانتخابات؟
كل نقابة قائمة على حدا وكل مواطن يسدد اشتراكه يحق له الترشح والإدلاء بصوته لمن يستحق، ونحن نعمل على نشر تلك الثقافة بين المواطن والعامل.
– وماذا عن إعداد شباب لتلك الانتخابات في النقابات المختلفة؟
نحن نعمل على ذلك بالفعل ولكن جائحة كورونا عملت على منع ذلك، لكننا كنقابة صناعات غذائية تم عمل عشر دورات لتعريف النقابيين بحقوقهم وواجباتهم وإعدادهم للعمل مع إدارة الشركات المختلفة بحل المشكلات المتعلقة بالعاملين.