أصبحت قضايا المناخ والبيئة الملف الشائك في النقاشات الدولية والإقليمية للحد من مخاطر هذه القضية التي تؤرق الدول وتأثيرها الضار على الكائنات الحية وكذلك الأمن الغذائي.
وفي تصريح للمهندس عبدالعلي المتوكل رئيس اتحاد المهندسين الزراعيين الأفارقة، قال إن التغيرات المناخية تهدد الموارد المائية وإنتاجية المحاصيل وتضع الأمن الغذائي على المحك، وأن التغيير المناخي يشكل تهديدا مضاعفا للمنظومة العالمية للغذاء من خلال تأثيراته على المدى القريب والمتوسط والبعيد.
وفي تقرير صادر عن الأمن الغذائي والتغذية لسنة 2021 الذي أصدرته منظمة التغذية الزراعية، فقد وصل مستوى الجوع في العالم إلى 9،9 في المائة وأن حوالي 600 مليون شخص سيعانون من الجوع في سنة 2030.
الإنتاج الزراعي يتأثر بتغيرات المناخ
قال الدكتور يحيى متولي، أستاذ الاقتصاد الزراعي بالمركز القومي للبحوث الزراعية، إن المحاصيل الزراعية تتأثر بتغير عوامل درجات الحرارة لكل محصول فهناك المحاصيل الرطبة والتي تمثل معظمها مياه مثل الطماطم أو العنب الذين يحتاجون إلى درجات حرارة محددة كي ينضجوا بشكل صحيح ولكن في حالة ارتفاع درجات الحرارة عن الدرجة الكافية لنموهم سيتسبب في إحداث خسائر فيهم وبدلا من إن يكون الناتج ١٠ طن يمكن أن نخسر طن أو أكثر نتيجة لعوامل درجة الحرارة، ما يسبب خسارة للمزارع والدولة.
وذكر أمثلة أخرى القطن المصري يتم زراعته في الصعيد لأنه يحتاج إلى درجة الحرارة المرتفعة المعروفة هناك ولكن في حالة ارتفعت عن المعدل الطبيعي الذي يحتاجه القطن فلن يتم إنتاجه لأن الحرارة ارتفعت بشكل لا يمكن للنبته مع ان تتكيف وكذلك الحال بالنسبة لقصب السكر وينخفض الإنتاج ويسبب الخسائر، وبالتالي فإن التغيرات المناخية تؤثر على الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي لأنها تأتي من محاصيل معرضة للجو.
الحل في الصوب الزراعية
وأوضح «متولي»، أن التربة كذلك إذا ارتفعت درجة حرارتها تؤثر هي الأخرى على النبات والمحاصيل الزراعية وإذا ارتفعت درجة حرارة التربة فإنها تؤثر على التربة، ويمكن القول إن الزراعة داخل الصوب الزراعية من المشروعات الآمنة التي يحفظ بيها الإنتاج الزراعي وتكون مجدية اقتصادية لأنه من خلال الصوب يمكن التحكم في درجة الحرارة ودرجة الرطوبة.
وتابع: «لكن لا يمكن أن تكون كافة الزراعات من خلال الصوب لأنها تحتاج إلى طاقة هائلة وموارد ضخمة ولن تصبح مصر بأكملها صوب زراعية».
وبالفعل أطلقت مصر عام ٢٠١٤ المشروع القومي لإنشاء 100 ألف صوبة زراعية كأحد أهم مشروعات الدولة الاستراتيجية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الزراعية؛ ويهدف المشروع لإنتاج المحاصيل عالية الجودة والتي تسهم بدورها في رفع مستوى الصادرات الزراعية وتأمين الغذاء الصحي والآمن للمصريين، وتحقيق مردود اقتصادي عال، عبر زيادة الإنتاج من خلال الاستخدام الأمثل لوحدات المساحة المتوفرة.
وبدأ المشروع على مساحة 100 ألف فدان، في 7 مناطق مختلفة، بناء على توزيع المشروع القومي لاستصلاح الأراضي، وهي مناطق، غرب المنيا، وغرب غرب المنيا، والمغرة، وسيناء، والمراشدة 1، والمراشدة 2، وحلايب وشلاتين.
استنباط أصناف جديدة مقاومة للتغيرات المناخية
وعن الحلول التي يمكن اللجوء لها لمواجهة التغيرات المناخية واستمرار الحفاظ على الأمن الغذائي وزيادة الناتج الزراعي كما تسعى الدول قال استاذ الاقتصاد الزراعي بالمركز القومي للبحوث الزراعية إن الحل في استنباط سلالات جديدة تتكيف مع الظروف المناخية الجديدة بحيث يتم تقليل الفاقد والخسائر من المحاصيل الزراعية وإنتاجها.
ومن المشروعات القومية الكبرى التي تتبناها مصر في الوقت الحالي استنباط أصناف جديدة من التقاوي والبذور عالية الجودة والإنتاجية وقليلة استخدام المياه وتقاوم الظروف المناخية بحيث يتم إنتاج التقاوي محليا وتقليل فاتورة الاستيراد، والحد من استنزاف العملات الأجنبية التي يتم بها استيراد هذه المنتجات من الخارج، وزيادة معدلات الاكتفاء الذاتي من هذه التقاوي لمصلحة الاقتصاد الوطني.
فوفقا لإحصائيات رسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء، يتم استيراد نحو 98% من تقاوي الخضر والفاكهة، التي تزرع سنويا في مصر، بينما يتم إنتاج 2% فقط، بنحو 7 مليارات جنيه سنويا.
وأشار أستاذ الاقتصاد الزراعي إلى أن قضايا البيئة من تربة وهواء ومياه اذا تغير اي عامل منها فيؤثر على المنتج الزراعي لذلك قضية المناخ هي مسألة تؤثر على الأمن الغذائي المصري إذا لم نسعى للمحافظة على عوامل البيئة التي تمثل أساس الإنتاج الزراعي.